الذين يؤجرون الشوارع..!

{title}
أخبار الأردن -

علاء الدين أبو زينة

تعرف الموسوعة البريطانية الـ»فاليه» valet، بأنه: «خدمة يقوم بها عامل في فندق أو مطعم أو ما شابه بركن سيارات الزوار». ويأتي هذا التعريف من الثقافة التي ابتدعت خدمة اصطفاف السيارات والتي عادة ما نستلهم ابتكاراتها. لكننا نستورد الخدمة ونضيف إليها بهاراتنا حتى لا تعود كما هي. وهكذا، أصبح تعريف «الفاليه» شيئا مختلفا هنا، ربما يغطي صفحة كاملة.

أصبح الفالية مهنة، أو مشروعا تجاريا مربحا يحتمل عناصر النصب والاستغلال. أصبح مستشفى كبير، أو مطعم مهم، أو مقهى مطروق، يؤجر باحاته التي ينبغي أن تخدم زبائنه لأحد يتقاضى أجرة إجبارية عن اصطفاف السيارة. وفي الأصل، هذه المساحات تُرخّص مع المبنى ولا تُرخَّص مرة أخرى كمواقف للإيجار. لكن الطمع وعدم احترام الذات يدفع هذه المشاريع الكبيرة إلى تأجير مواقفها وإضافة عبء على القادمين ليدفعوا أصلا ثمن كل شيء ضمن فواتيرهم

يمكن فهم أن يختار الضيف النزل من سيارته عند المدخل الرئيسي ويعطيها لعامل يأخذها إلى مكان الاصطفاف ويجلبها له عندما يخرج. لكن هذه ينبغي أن تكون أيضا خدمة مجانية لتشجيع القادمين على أساس التخفف من عبء إيجاد موقف. وسيدفع من يختار ذلك إكرامية للعامل، أو «تِب» عن طيب خاطر. أما أن يذهب القادم بسيارته ويركنها بنفسه ليأتي أحد ويطلب منه الدفع، فاستغلال مخجل وعيب على المؤسسة المعنية.

في الشوارع التجارية التي لا مكان فيها للوقوف بجانب الأرصفة، قد يستمثر مالك قطعة أرض خالية في الجوار فيها كمواقف –أو يقوم بتأجيرها لمن يستثمرها في مثل ذلك. لكن هناك الذي يقومون بتأجير الشارع نفسه حين يطلبون منك أجرة عن الاصطفاف بجانب الرصيف في أرض اللاأحد. هناك محلات توظف شخصا في الخارج لينظم اصطفاف الزبائن، مجانا، عند الباب، لكنهم لا يسمحون لغير زبائن المحل بالتوقف هناك. ولا أعرف إذا كان قانونيّا أن يمنع هذا هذا الشخص وقوف سيارة سائق يقصد العمارة المجاورة، أم أن المساحة المخصصة للاصطفاف خارج حرم الشارع تؤجّر كمواقف للمحلات، أو أنهم يحجزونها بلا ترخيص.

عند بعض الساحات المرخصة كمواقف بالأجرة، قد يأتيك الذي يدير الموقف إذا وجدت مكانا خارج السياج عند الرصيف، ويطلب منك الأجرة حتى وأنت خارج حرم الموقف، أو يطالبك بالذهاب. وقد يحدث أن تذهب إلى فرع بنكك أو مطعم تقصده وتجد مكانا للاصطفاف أمامه، لكن شخصا يأتيك ويطلب الأجرة. ولن تعرف ماذا تفعل: هل تتصل بالشرطة بافتراص أنه نصاب، أم تسأل بنكك أو مطعمك عن صلاحياته، أم تتصل بالأمانة للاستفسار عن ترخيصه وقانونية عمله. لكنك تختار الدفع لتجنب الصداع وربما الدخول في شجار أو قضية قانونية.

يحدث أحيانا أن جماعة «الفاليه» هؤلاء يوقفون لك سيارتك في الشارع، في مكان مخالف، لكنها لا تُخالف. لكنك إذا عاندتَ وأوقفت سيارتك بنفسك ورفضت الدفع، تجد عليها مخالفة سير: ربما بشكوى أو تحريض من بلطجي «الفاليه» أو غير ذلك. وستقول لنفسك في المرة التالية: أدفع له دينارين بدلا من عشرة أو خمسة عشر دينارا كمخالفة.

ذات مرة ذهبنا إلى «مول» مهم. وهناك طبعا جماعة «الفاليه» عند المداخل. يمكن أن تترجل عند الباب، إذا لم ترد أن تمشي، وتعطيهم سيارتك ليدبروا لك موقفا مقابل أجرة. لكننا وجدنا موقفا على جانب الشارع الآخر مقابل المول، أمام عمارة لا علاقة لها بالمول ولا بأحد. ومع ذلك، جاء رجل «الفالية» وطلب ديناري الأجرة، حتى لو أوقفت سياراتك بنفسك وخارج حرم المول. وبدا أن كل الشوارع المحيطة تحت سلطة «الفاليه» كما يفرض جماعة الخاوات رسوما إجبارية على تجار حي. ودفعنا حتى لا نضيع وقتنا و»يخرب المشوار».

في الأماكن الأخرى توضع ماكينات عند الأرصفة تودع فيها رسوم الاصطفاف. وستعرف عندئذٍ لمن تذهب نقودك على الأقل. لكن «الفاليه» المحلي المطور كثيرا عن تعريف الموسوعة البريطانية لا تعرف له رأسا من قدَمين. وهناك قوانين بالتأكيد، لكنها مودعة في منطقة الغموض، وعليك دراستها ثم الاشتغال بالشكاوى والمشاجرات والدخول في المجهول إذا أردت أن لا تُستغل، ولأن الذين يجب أن يراقبوا لك حقك يتغاضون. أو تدفع وتحتسب عند الله.

 

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير