ضربة اقتصادية موجعة

{title}
أخبار الأردن -

سلامة الدرعاوي

بعد أربعة أيام من انتهاء أعمال اللجنة الأردنية العراقية المشتركة في بغداد، والتي وصفت بأنها أكثر من ناجحة، أصدر مجلس الوزراء العراقي قراراً على غير المتوقع بفرض رسوم جمركية على مستوردات غذائية وبلاستيكية وكيماوية بنسب وصلت 65 %، مما شكل صدمة كبيرة للفاعليات الاقتصادية الرسمية والخاصة في المملكة.

صدمة مفاجئة؛ لأنها جاءت بعد زيارة لوفد نيابي كبير وبعد توقيع الأردن والعراق على سبع اتفاقيات تعاون في مختلف القطاعات، والبدء بخطوات تنفيذية لإقامة المنطقة الاقتصادية الخاصة بين البلدين.

صدمة مؤلمة للقطاعات الاقتصادية الأردنية؛ لأنها تأتي بعد أيام من انعقاد أعمال ملتقى الأعمال الأردني العراقي الذي عقد على هامش أعمال اللجنة المشتركة بمشاركة أكبر وفد اقتصادي أردني يزور بغداد منذ عام 2003.

القرار العراقي بفرض رسوم جمركية على المستوردات شكل فعلاً صدمة كبيرة للفاعليات الرسمية والخاصة التي كانت في بغداد، والتي لقيت حفاوة غير مسبوقة بها، والتي غالبيتها خرجت بانطباعات أنها مرحلة اقتصادية جديدة ستفتح مع العراق على قاعدة التكامل والتشاركية الاقتصادية التي تخدم وتفيد الطرفين.

لكن للأسف، القرار الجمركي العراقي الأخير يشكل ضربة موجعة للصادرات الأردنية للسوق العراقية، وسيعيدها لنقطة الصفر، لأن غالبية الصادرات الأردنية للعراق هي من تلك السلع التي فرضت عليها رسوم جمركية عالية، وبالتالي لن تستطيع تلك السلع المنافسة في السوق العراقية بالشكل القانوني السليم والعادل، فالسلع من الجانب الإيراني تستحوذ على السوق العراقية، وتغزوه وتلقى أشكالا مختلفة من الدعم الذي يمكنها من تعزيز حضورها في الأسواق العراقية، مما يجعل السلع الأردنية في منافسة غير كفؤة، وبالتالي خروجها التدريجي من السوق العراقية.

القرار العراقي، ضربة موجعة للصادرات الأردنية التي نمت في آخر عشرة شهور بأكثر من 7 %، لتتجاوز الـ645 مليون دينار، وهي تشكل بذلك المرتبة الثالثة للصادرات الأردنية، وهذا يعني أن إجمالي الصادرات الأردنية بعد القرار العراقي ستشهد تراجعاً حتمياً للأسف.

القرار العراقي يأتي في إطار سياسة حكومتهم بحماية منتجاتهم الصناعية الوطنية حسب ما صدر في نص القرار، وعلى الأرجح أنه لن يكون الأخير، فالعراق كان قد أصدر قراراً مماثلاً في عام 2018 بفرض رسوم جمركية 30 %، ومن المؤكد أنه سيواصل فرض المزيد من الرسوم الجمركية على مستورداته، طالما القطاعات الصناعية لديه تنمو وتزدهر وتنتشر وتلبي احتياجات السوق العراقية بمنتجات محلية، وهذا ليس محصوراً بالعراق، فغالبية الدول بعد أزمة كورونا تحديداً لجأت إلى مثل هذه السياسات الحمائية لمنتجاتها المحلية بأساليب مختلفة وأشكال مختلفة، رغم دخولها في اتفاقيات تجارة حرة مشتركة، فبعضهم جمد عضويته، أو أعلن انسحابه من تلك الاتفاقيات حماية لمصالحه العليا المرتبطة بحماية منتجه المحلي.

الخيارات محدودة أمام الأردن في هذه القضية مع الجانب العراقي فتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل لن يفيد الجانب الأردني؛ لأنه لا يوجد مستوردات سلعية من العراق غير النفط.

للأسف مجال التحرك محدود للغاية، ولا يوجد سوى مفاوضات جديدة مع العراق حول استثناء السلع الأردنية من هذا القرار أو اللجوء لإجراءات حمائية للسلع الأردنية وتقديم أشكال مختلفة من الدعم لها، حتى تتمكن من المنافسة في ظل هذه القرارات داخل السوق العراقية.

للعلم، القرار العراقي الاخير لم يكن وليد لحظة الامس، بل هو قرار ماركات يطبخ على نار هادئة منذ ازمة الدينار لديهم.

شيء ما يحدث في كواليس العلاقات الاردنية العراقية، وأيد خفية تتدخل في ادارة توجيه دفة هذه العلاقات بشكل خفي ولا يتناسب مع شكل العلاقات التي تبدو في وسائل الاعلام، فعلى ما يبدو ان هناك شكلين أو وجهين في العلاقات بين البلدين، وهذا ما قد يدفع بضرورة المطالبة بتحرك سياسي أكثر فاعلية وقوة في تحديد دفة اتجاهات هذه العلاقات في المرحلة المقبلة.

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير