فوضى تصاريح العمل والملايين المهدورة
د. هايل ودعان الدعجة
قد لا نجانب الصواب اذا ما وصفنا كلام وزير الصناعة والتجارة ووزير العمل يوسف الشمالي امام اللجنة المالية النيابية خلال مناقشة مشروع قانون الموازنة لسنة ٢٠٢٣ بالصادم ، وذلك عندما ذكر وبكل صراحة ووضوح ، بان عدد العاملين الوافدين الحاصلين على تصاريح عمل 300 ألف عامل من اصل اكثر من مليون عامل وافد ، وكأننا نتحدث عن انجاز.
ولنا ان نتخيل الملايين المهدورة ( والضايعة ) على موازنة الدولة التي تعاني ظروفا مالية صعبة جدا في ظل هذا الفشل والاخفاق والعجز عن ادارة هذا الملف ، والتي قد تتجاوز ال ٥٠٠ مليون دينار سنويا ، حيث تبلغ رسوم اصدار تصريح العمل ٣٥٠ بدلا من ٤٠٠ دينار بعد ان تم تخفيضها بموجب النظام المعدل لنظام رسوم تصاريح العمل لغير الأردنيين لسنة 2022.
في مقابل رفع العامل لاجرته بحجة ارتفاع رسوم التصاريح التي لم يدفها اصلا . وبالتالي من يتحمل مسؤولية هذه الفوضى .. وهذا الفشل والتقصير ، وهذا الهدر المالي الكبير ، الا اذا كنا نفكر بتعويضه من المواطن الاردني ( جمل المحامل ) ، من خلال رفع الرسوم والضرائب واسعار السلع كالمحروقات وغيرها !! .. وكيف للجهات الحكومية والرسمية المسؤولة ان تسمح لعمالة وافدة بالعمل بدون تصريح وبشكل مخالف . ليأتي الوزير المعني ويصرح عن وجود هذا الخلل الذي يرتقي الى مستوى الجريمة التي ترتكب بحق المال العام ، امام جهة رقابية ممثلة باللجنة المالية النيابية ، التي لم نسمع ان ايا من اعضائها قد مارس دوره الرقابي للوقوف على الاسباب التي حرمت الدولة من هذه الملايين الضائعة . كيف يحدث هذا في دولة فيها قوانين وانظمة يفترض احترامها وتطبيقها على الاردني وغير الاردني .. وهل يعقل ان تكون الجهات المعنية عاجزة عن ضبط امور العمالة الوافدة ومعرفة تحركاتها ومحل اقامتها .. وما اذا كانت تحمل تصريحا ام لا ؟. وبالتالي كيف للوزارة ان تتأكد بان العمالة الوافدة ملتزمة ولا تعمل في المهن المغلقة غير المصرح لها العمل بها والخاصة بالاردنيين في ظل فوضى التصاريح ؟.
ويزداد الامر غرابة مع استمرار لعبة التنازلات المكلفة ماليا للدولة ، والتي تقدمها وزارة العمل للعمالة الوافدة ( المنفلة ) حيث ذكر الوزير .. بأن الوزارة عملت على توحيد تكلفة تصاريح العمل لتبلغ 100 دينار للتصريح للحد من عملية التهرب من قطاع إلى آخر ، في اشارة الى فشل اخر ، يتم التعاطي معه بالانصياع والاذعان والخضوع لسياسة الامر الواقع التي فرضتها العمالة الوافدة على الوزارة مع وجود بطالة في صفوف الاردنيين بلغت نسبتها ٢٢٪ .. بطريقة تجعلنا نتساءل عن الكيفية التي يمكن من خلالها معالجة هذه الافة الخطيرة ، في الوقت الذي نقدم فيه التسهيلات والحلول وعلى مقاييس العمالة الوافدة بعد ان فشلنا في ضبط امورها ، لنمكنها من السيطرة على سوق العمل على حساب المواطن الاردني الذي يعاني من البطالة ،والتي تبررها الجهات المعنية بثقافة العيب لتخلي مسؤوليتها عن معالجتها والتصدي لها في الوقت الذي تتفرغ فيه لحل مشاكل العمالة الوافدة وفقا لسياسة الامر الواقع التي فرضتها وما تزال تفرضها على وزارة العمل.
وبعد كل هذه الفوضى في موضوع التصاريح في سوق العمل الاردني .. فهل من امل في حل ولو جزءا يسيرا من مشكلة البطالة في الاردن .. ؟ . وهل مسؤولية وزارة العمل حل مشكلة البطالة بين الاردنيين .. ام حل مشكلة العمالة الوافدة واللاجئين من خلال ايجاد فرص عمل لهم، حتى لم يعد هناك عاملا وافدا واحدا او لاجئا بدون عمل في الأردن؟.