الانحراف عن المسار الوطني الصحيح ؟.
د هايل ودعان الدعجة .
قد لا نبالغ ولا نجانب الصواب اذا ما قلنا ان الاردن يختلف عن غيره من الدول من حيث طبيعته الاجتماعية والسكانية المرتبطة والمستمدة من منظومة من القيم والاخلاق والعادات والتقاليد التي شكلت في مجملها شخصية الانسان الاردني وهويته وخصوصيته بالصورة التي عرف بها وتميز بها ايضا ، لدرجة الشعور بان لمصطلح الاردني نكهة خاصة ووقع خاص اذا ما تردد هنا وهناك كفيل بترك انطباع يبعث على الراحة والارتياح لكل من يسمعه او يتوقف عنده ، وهو اشبه ما يكون بضوء اخضر يساعد حامله على الشعور بانه مرحب به اينما حل وارتحل .
ان هذا الواقع الاجتماعي الاردني المميز ، كان بمثابة لغة او ثقافة مجتمعية ، توافقت عليها واشتركت بها جميع مكونات الدولة الاردنية من شرائح وفئات اجتماعية ومؤسسات واجهزة دولة ، كان لها اكبر الاثر في تسهيل ادارة شؤونها وتحقيق النجاحات والانجازات التي رافقت مسيرتها سنوات طويلة ، عندما كان هناك مراعاة لهذه الايجابية ، وبدا ان المسؤول الذي يتسلح بهذه اللغة او الثقافة المجتمعية ويأخذها باعتباره ، دائما ما يكون النجاح حليفه . يقابل ذلك وجود مواطن متفهما ومراعيا لاي صعوبات وتحديات قد تواجه الدولة ، ودائما ما يبدي استعدادا لتحمل اي تبعات او نتائج قد تترتب عليه ، نتيجة القرارات والسياسات الحكومية والرسمية التي قد تتخذ في سبيل مواجهة هذه التحديات .. الامر الذي يضعنا امام واحد من اهم مقومات الدولة الاردنية ومصادر قوتها ، والذي انعكس ايجابيا على امنها واستقرارها .
الا ان الملاحظ في السنوات الاخيرة وجود ممارسات وتصرفات ( وربما سياسات ) محلية تحاول الانحراف ( ولربما انحرفت ) عن هذا المسار الوطني بكل ما يعنيه ويمثله من مصدر قوة وخير ونجاح للدولة الاردنية ، لصالح ممارسات دخيلة على مرجعيتنا القيمية والاخلاقية شاهدنا صورها في الشوارع والمناهج وبعض الافلام الهابطة المنتجة محليا ، وبدا اننا امام انقلاب على هذه المرجعية الوطنية التي مثلت احد اهم روافد الخصوصية والشخصية الاردنية التي يعود لها الفضل في تميز بلدنا وتفرده في تسجيل المواقف الانسانية والاخلاقية والسلوكية الكثيرة التي بهرت العالم وجعلته يقف احتراما واعجابا به على هذا الموروث القيمي الذي افتقدت له الكثير من المجتمعات التي تحولت الى اوكار للرذيلة والانحطاط والجريمة بصورة هددت وجودها .
ليصبح السؤال الكبير .. ما الذي اصابنا كمطبخ قرار ، ليجعلنا نتخلى عن واحد من اهم مقومات نجاحنا وتميزنا وقوتنا وهويتنا التي جعلت لنا مكانة معتبرة بين الامم .. ؟ . ولمصلحة من كل هذا العبث بالثوابت ..؟.
نعم .. لقد اصبحنا نلاحظ ممارسات غريبة على مجتمعنا .. ومتاجرة خاسرة بالبعض غير المنتمي لبيئة هذا الوطن وتاريخه وثقافته وهويته وخصوصيته .. ونجعل منه معيارا لقياس وطنيتنا .. حتى افتقدنا بوصلتنا وتوهنا عن وطنا الذي بات اسير بوصلة دخيلة علينا .. لنتخذ من المجالس والمناسبات الاجتماعية منابرا نصدح من عليها شكوانا واحتجاجنا تعبيرا عن رفضنا وغضبنا على ما اصاب الوطن من تراجع وارباك ، حتى بتنا نخشى عليه .