العالم في مواجهة إسرائيل
مالك العثامنة
يقفل الزميل ماهر أبوطير مقاله في “الغد” بعنوان (الأردن في مواجهة إسرائيل) المنشور يوم السبت الماضي بقوله: “.. في كل الاحوال الكلام السياسي والدبلوماسي هنا، على اهميته لا يخفي نهاية المطاف، حجم المهددات الاسرائيلية، ولا الاخطار المحتملة، في ظل تغير معادلات كثيرة في الاقليم.
التوقيت اختلف، والحلول بالتأكيد يجب أن تختلف بشكل جذري”.
أتفق مع هذه النتيجة التي يفترض ان تصبح بديهية من بديهيات العمل السياسي الأردني في العمق من الآن فصاعدا، وهناك عنصران أساسيان في تلك القفلة الموفقة من المقال “الموفق طبعا كالعادة”: تغير المعادلات المثيرة في الإقليم، والتوقيت الجديد والمختلف الذي يفرض بالضرورة حلولا مختلفة بشكل جذري.
ونعم، الأردن في مواجهة مفتوحة الاحتمالات مع إسرائيل، والعمل السياسي يجب أن يكون من منطلق مواجهة التحديات التي تريد إسرائيل فرضها على الأرض وأمام الأردن، الجار الذي كان يملك أطول خط مواجهة مع إسرائيل، وسياسات الحكومة اليمينية المتطرفة في تل أبيب تعمل “بمنهجية واضحة” على إعادة خطوط التماس إلى خطوط مواجهة، مما يعني توسيع جبهة المواجهة لتصبح إسرائيل في مواجهة المجتمع الأممي كله.
مع كل التسريبات التي نتلقاها والقراءات الواضحة التي لا تحمل التباسات في غايات التصعيد التي يحملها فريق نتنياهو الحكومي المتطرف إلا أن هناك أيضا عوامل من داخل إسرائيل نفسها قد تبطل كل ما يحدث، والعمل السياسي الأردني كما الإقليمي والدولي وبالتعاون الدبلوماسي الحثيث يجب أن يعمل على تعظيم القوى السياسية المناهضة للحكومة اليمينية المتطرفة تلك، وقراءات كثير من الإسرائيليين أنفسهم ( مصادر نعرفها وصحف نقرأها) تؤكد أن كثيرين يرون في حكومة نتنياهو خطرا على أمن إسرائيل كدولة، ولعل الإشارات التحذيرية الأولى كانت في رسالة إسحاق هرتسوغ، الرئيس الإسرائيلي نفسه إلى حكومة نتنياهو عشية نجاحه في الانتخابات وقد عكس في كلماته قلقا واضحا من انزياح كامل الدولة نحو اليمين بتأثير الحكومة معلقا في تصريح مكثف له بأن الحكومة المقبلة يجب أن تكون “حكومة تخدم جميع مواطني إسرائيل، سواء أولئك الذين أيدوها وصوتوا لها، أو أولئك الذين عارضوا تشكيلها”.
واليوم صارت التحذيرات من تلك الحكومة تأخذ أشكالا احتجاجية أكثر حدة في الداخل الإسرائيلي نفسه لأنه وحسب مصادر إسرائيلية متعددة، فإنه تاريخيا كانت “حكومات نتنياهو بمجملها” قادرة بل موهوبة بتوريط الجميع في مغامرات مكلفة دوما، وهذا ما يقلق لا رئيس الدولة في إسرائيل وحسب، بل طيفا واسعا من النخب الإسرائيلية، لكن المفارقة في كل ما نقرأه ونسمعه ونشاهده وفي المحصلة فإن حضور نتنياهو ما هو إلا حاصل جمع “وطرح وقسمة” المزاج العام الإسرائيلي ذاته! وهو مزاج يتلمس الخطر على أمنه بشكل هائل وبحساسية عالية، وربما كان نتنياهو الذي اختاره هذا المزاج العام سببا في انقلابه على ذاته قريبا جدا.
الوقت ضيق حسب ما يرد من تسريبات عن خطط الحكومة الإسرائيلية في استراتيجيتها لتفجير الوضع في الضفة الغربية إلى أقصى مدى ممكن، ومن المفارقات التي أسر بها صديق فلسطيني من مخضرمي الصحافة الفلسطينية المتخصصة أن أغلب عمليات ” تفجير الوضع بالعنف” التي انتهجتها إسرائيل كانت متزامنة مع أعياد إسلامية أو مسيحية، وفي رمضان القادم فإن الشهر الإسلامي تتخلله أعياد مسيحية مما يثير الخوف من كل ما يخطط له يمين ديني متطرف يملك السلطة والقدرة على صناعة القرار ويجدول أعماله وسياساته على روزنامة وأجندة الميثولوجيا الدينية التي يؤمن بها وتراه “مختارا” عن دون البشر في تطبيقها المقدس.