لماذا تبقى أزماتنا مفتوحة؟
حسين الرواشدة
لماذا يصرّ البعض على إبقاء أزماتنا مفتوحة ؟ لا يوجد لدي أي إجابة مقنعة، ما أسمعه من كثير من المسؤولين في إدارات الدولة يصب في نقطة واحدة لا غير ، وهي أن لدينا أزمة اقتصادية لا نملك حلولا عاجلة لها ، ويجب أن نتكيف معها، فيما لا احد يعترف أن أزماتنا المتراكمة أعمق و أبعد من ذلك، وأن حلها ممكن وسهل ، كما أن إنكارنا لها غير مفهوم ، وتأجيل النظر فيها مكلف جدا .
خذ ، مثلا ، أزمة معان ، منذ أكثر من 30 سنة وما تزال الأزمة مفتوحة ، لا أريد أن استعرض ما حدث طيلة هذه الفترة ، وما صدر من دراسات رسمية وغير رسمية حول تشخيص المشكلة ، وأسبابها وحلولها، الأكيد أنها وضعت في الأدراج ، أريد أن أشير ، فقط، إلى نقطة واحدة ، وهي أن "إضراب الشاحنات" ووسائل النقل انتهى ، وكان يفترض ان نسدل عليه الستار ، ونطوي الصفحة ، خاصة بعد أن صدمنا دم الشهداء ، لكن ما جرى كان عكس ذلك تماما ، لم تهدأ معان ، ولم نتعلم ، للأسف ، من الدرس .
خذ، مثلا آخر ، أزمة المعلمين التي مضى عليها عامان ونصف تماما ، القضاء حسم المسألة ، لكن الادارة (السياسية أن شئت) ما تزال عاجزة ، أو مترددة عن حلها ، معقول يبقى نحو 70 معلما ، تم احالتهم للاستيداع ، أو التقاعد المبكر، أو أوقفوا عن العمل معلّقين بلا عودة لعملهم ، وأن يبقى أولادهم بلا رواتب ، لا أتحدث عن الحقوق النقابية أو السياسية ، وإنما الإنسانية فقط ، مع أن حل الأزمة لا يحتاج لأكثر من توقيع على كتاب صدر فعلا من مجلس الوزراء، وظل حبيسا في مكاتب وزارة التربية .
خذ، مثلا ثالثا ، لدينا مجموعة من الشباب الذين أخطأوا ، ربما ، في التعبير عن حبهم وحرصهم على بلدهم ، هؤلاء أراد البعض أن يستخدمهم كأزمة ، فتم توقيفهم بأوامر إدارية، ليس من أجل اعادتهم إلى جادة الصواب الوطني ، وإنما لمعاقبتهم فقط .
يا سادة : لنا تجربة فريدة مع شباب جنحوا للتطرف ، والتكفير بإسم الدين، ذهبنا إليهم في السجون لمراجعتهم و محاورتهم ، ونجحنا في عقلنتهم ، فعادوا إلى مجتمعهم صالحين، هذه تجربه لم يكتب عنها أحد ، مع أنها أفضل ما أفرزت مؤسستنا في السنوات الاخيرة ، أليس من الممكن ،بل الواجب، أن نكررها مع شبابنا الذين تطرفوا ،ربما ، باسم الوطنية، نحاورهم ونتواصل معهم ، ونقنعهم ، ونعيدهم إلى أحضان أسرهم ، وبلدهم، بقانون السماحة والمحبة ، لا بالمناكفة والمكاسرة.
يقولون : هذا العام 2023 سيكون الأثقل والأصعب اقتصاديا على الأردنيين ، إذن أليس من واجبهم أن يفعلوا كل ما بوسعهم لنزع فتيل أي أزمة أو احتقان أو غضب ، حتى يساعدوا الناس على التحمل والصبر ؟ يقولون أيضا : هذا العام سيكون مفصليا في التحدي الأخطر مع الكيان المحتل ، أليس ، أيضا ، من واجبنا جميعا أن نستعد ونقوّي جبهتنا الداخلية لتكون قادرة على مواجهة أي عدوان ؟
إن "كبسة" زر سياسية واحدة ، حازمة وصادقة، يمكن ان نضغط عليها لإغلاق أزماتنا المفتوحة، أو بعضها على الاقل ، كفيلة بإحياء همة الأردنيين ، وإعادة العافية لمجتمعنا المنهك من الضربات والأزمات ، كما أنها تكفي لاستعادة ثقة الناس بمؤسساتهم، وببعضهم بعضا ، الأردن يستحق أن نفعل من أجله كل ما نستطيع، والأردنيون قادرون على رد التحية لدولتهم ووطنهم ، بمثلها ، أو باحسن منها أيضا . فهل من مجيب؟