الصراع الأردني الإسرائيلي
التحديات غالبا ما تكون فرصا للحياة، الأمور مع نتنياهو تتجه إلى صراع مباشر بين الأردن وإسرائيل، ولعل الوصاية الهاشمية على الأقصى ستكون أقل صور هذا الصراع جسامة، نحن نتحدث عن رئيس وزراء غير إستراتيجية الصراع في المنطقة على أساس أن مسألة أحقية إسرائيل في كل فلسطين التاريخية أمر واقع، وإن أي حل لقضية «اللاجئين الفلسطينيين» سيكون خارج فلسطين 1948، وتباعا خارج أرض فلسطين التاريخية، فأعلن أن حق الاستيطان الصهيوني يشمل كامل أرض فلسطين كما نعرفها، وأن السلام غير ضروري مع الفلسطينيين بل الأولوية للسلام مع دول عربية على قاعدة العداء لإيران!
غير مهم أن يكون نتنياهو مصيبا أم مخطئا في قناعته السياسية هذه، المهم أنه في السلطة، وهو في السلطة بثمن توزير بن غفير بوزارة الأمن الوطني تلك الوزارة التي كانت تحقق معه بتهم فساد وإرهاب! ونتنياهو نفسه يهرب للأمام من أربع ملفات قضائية كبيرة، وهو الآن يسيطر على المحكمة العليا التي تتابع ملفاته. هذه ديمقراطية العجائب الصهيونية التي تضع مجرمين في السلطة فقط لأنهم مستعدون لسحق الفلسطينيين والإطاحة بحقوقهم!
جلالة الملك في حديثه في محطة سي إن إن؛ أكد أن الأردن وإن كان لا يسعى للمواجهة والصراع إلا أنه لن يقبل تعدي خطوط حمراء بالنسبة له، وأعتقد أن الرسالة تتعدى الدفاع عن الوصاية الهاشمية على المقدسات، لتركز على استعداد الأردن لمواجهة أي خطر يهدد وجوده وأمنه الوطني.
الأميركان على لسان وزير خارجيتهم؛ أكدوا استمرار «كفالتهم» ولا أقول دعمهم لأمن إسرائيل، وبنفس الوقت عبروا أنهم ضد السياسات التي تعرض أمنها- أي إسرائيل- للخطر، مشيرين بهذا لعدم رضاهم عن ممارسات بن غفير وغيره من الوزراء الإرهابيين في حكومة نتنياهو، ولكن خبرتنا مع الأميركان لا تسعف إنهم سيدافعون عن أي بلد عربي إن تعارض أمنه مع أمن أو حتى سياسة إسرائيل، ولو كانت ضد القانون الدولي.
أعتقد أن رسالة جلالة الملك يجب أن تتبعها رسائل برلمانية وشعبية للتأكيد- على ما يجمع عليه الأردنيون – وهو وقوفهم رغم أي اختلافات أو خلافات سياسية داخلية في مواجهة المشروع الصهيوني الذي يواجه الأردن اليوم، ذلك المشروع الذي أطل بملامحه البشعة في تفاصيل صفقة القرن، والتي لم يظهر أي مؤشر عن التراجع الفعلي عنها!
يعول كثير من أعداء الأردن على وضعه السياسي والاقتصادي، وعلى الدخول إليه من بوابة الجبهة الداخلية، وظروفها الاقتصادية والسياسية، وعلى نظريات انقسام الأردنيين بشكل أو بآخر، تحدي نتنياهو غفير هو فرصتنا الوطنية لنقول إننا قد نختلف في ملفات كثيرة! ولكننا كلنا في الأردن صف واحد في مواجهة أي مخططات قد تحيق بالأردن، وإنه لا يوجد في هذا السياق في الأردن إلا أردنيون يدافعون عن الأردن حدودا وهوية ودستورا وشعبا!
على الحكومات أن تتحول «لمود» المواجهة، فإن التحول الاقتصادي والسياسي والأمني صار له طعم آخر؛ طعم الدفاع عن الأردن في مواجهة عدو جديد قديم هو المشروع الصهيوني الذي يستهدف الأردن بقيادة نتنياهو!
على الحكومة – وأنا أتوقع هذا منها قريبا- إعادة هيكلة شكل وطريقة التحرك للعمل بذهن «الطوارئ القصوى» باتجاه تمكين الجبهة الداخلية وخلق حلول اقتصادية مبتكرة، والتركيز على ترسيخ الحريات كافة وصيانتها، وتطبيق القانون في هذا المجال بشفافية، والذهاب الى تحالفات عربية وعالمية تدعم صمود الأردن، كما أن عليها تكثيف خطاب يومي معلوماتي للناس، ومصارحتهم بكافة التفاصيل وبالمخاطر المحدقة بالوطن، وخلق حالة وطنية شاملة تتناسب ومتطلبات التصدي لنتنياهو وحكومته، ولعلها فرصة لنا لأخذ البلد لحالة عمل ونضال حكومي شعبي من أجل الدفاع عن الأردن أرضا وشعبا ودستورا، الأردن ينادي جنابك وكلنا نلبي النداء!!