عمل الأطفال في الزراعة.. الأعداد تتزايد وسط "رقابة ركيكة"
يعد ملف عمالة الأطفال، واحدا من الملفات المؤرقة للجهات الحكومية والأهلية المعنية، لا سيما العاملين في القطاع الزراعي بمناطق الأغوار الذين باتت أعدادهم تتزايد بشكل لافت وسط ظروف عمل صعبة تفوق قدراتهم.
ويعمل هؤلاء الأطفال لساعات طويلة ويواجهون مخاطر مهنية، وسط غياب رقابة حقيقية من الجهات الرسمية المختصة، وذلك لأسباب اقتصادية وعلى رأسها الفقر، والتفكك الأسري، وجائحة كورونا التي أثرت بشكل كبير على الأسرة، إضافةً إلى ارتفاع ظاهرة التسرب من المدارس.
ويتعرض الأطفال بسبب لجوئهم للعمل في سن غير مناسبة، إلى أضرار نفسية واجتماعيّة وأخلاقيّةً، وفي الجانب المعرفيّ والتطوّر للأطفال العاملين، إذ يمكن للأطفال أن يسمعوا الكلام السيء أو يتعرّضوا للمشاكل نتيجة عملهم في بيئاتٍ معيّنة.
كما أن بعض التقاليد والعادات تفرض على الأطفال العمل نتيجة ثقافة الأهل، كما يحدث في المناطق التي يعمل أطفالها في الزراعة، خاصةً مع تحوّل عملهم إلى ظاهرة بعد أن كان مُشكلة.
كل ذلك، يحتم على الجهات المعنيّة من وزارة؛ العمل، والتربية والتعليم، والتنمية الاجتماعيّة، القيام بأدوارهم في حماية الأطفال ومراقبة عدم عملهم، وتفعيل القوانين الخاصة بالعمل، وإيجاد وزارة العمل لطريقةٍ من أجل تتبّع الأماكن التي تشغّل أطفالًا ضمن شروط.
وتنظّم نصوص المواد (73 – 77) من قانون العمل الأردنيّ وتعديلاته تشغيل الأطفال البالغة أعمارهم 16 – 18 سنة، إذ يحظر تشغيل الأطفال الذين لم يتموا السادسة عشر بأي شكلٍ من الأشكال، في حين يُسمح بعمل من هم فوق هذه السن تحت شروطٍ تضمنت ألا يعملوا لأكثر من ست ساعات مع استراحة لا تقل عن ساعة، وإلا يعملوا في الأعياد الدينيّة والعطل الرسميّة وأيام العطل الأُسبوعيّة.
وتنوه المواد إلى ضرورة حصول صاحب العمل على مستنداتٍ خاصةٍ بالطفل من وليّ الأمر، مع حظر عمل من لم يكملوا الثامنة عشر في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة.
إلى ذلك، أصبحت الحاجة أصبحت ماسة لتحديث البيانات الخاصة بعمل الأطفال، لقياس الأثر الذي سببته جائحة كورونا تحديدا، بحيث لا تتوافر سوى أرقام المسح الوطني لعمل الأطفال للعام 2016، الذي كان يشير إلى أن عدد من هم بين 5 الى 17 عاما كان يبلغ نحو 76 ألفا، بينهم نحو 70 ألفا تشغيلهم مخالف للقانون، ويعمل نحو 45 ألفا منهم في أعمال تصنف بـ”الخطرة” وفق معايير العمل الدولية وقانون العمل، وأبرز النشاطات التي يعملون بها “تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات” بنسبة 29 %، يليها العمل بـ”الزراعة والحراجة” 28 %، فـ”الصناعات التحويلية والانشاء والتشييد” 11 % لكل منهما.
وتعاملت وزارة العمل مع 40 حالة عمالة اطفال في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي وفق تقرير لمديرية التفتيش المركزي التابعة لها، في حين تدعو منظمات مجتمع مدني لبذل مزيد من الجهود لمحاربة ظاهرة عمل الاطفال، وتأكيدها ارتفاع عدد العاملين منهم في الاردن لنحو 100 الف طفل، في حين كان عددهم 76 الفا في العام 2016، وفق آخر مسح احصائي.
وفي وقت يبين فيه التقرير ان 37 من الحالات سويت مع صاحب العمل وخولف 3 اصحاب عمل فقط، ولم توجه أي انذارات، حذر مدير بيت العمال حمادة ابو نجمة الذي صدر عن مركزه تقرير مؤخرا، يؤكد ارتفاع عدد الأطفال العاملين لـ100 الف، من أن مشكلة عمل الأطفال باتت تشكل تهديدًا واضحا، مع ارتفاع معدل البطالة لمستوى قياسي وانضمام أكثر من 80 ألف متعطل عن العمل لصفوف البطالة.
ونوه ابو نجمة إلى أن الحاجة أصبحت ماسة لتحديث البيانات الخاصة بعمل الأطفال، لقياس الأثر الذي سببته الجائحة، بحيث لا تتوافر سوى أرقام المسح الوطني لعمل الأطفال للعام 2016، الذي كان يشير إلى أن عدد من هم بين 5 الى 17 عاما كان يبلغ نحو 76 ألفا، بينهم نحو 70 ألفا تشغيلهم مخالف للقانون، ويعمل نحو 45 ألفا منهم في أعمال تصنف بـ”الخطرة” وفق معايير العمل الدولية وقانون العمل، وأبرز النشاطات التي يعملون بها “تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات” بنسبة 29 %، يليها العمل بـ”الزراعة والحراجة” 28 %، فـ”الصناعات التحويلية والانشاء والتشييد” 11 % لكل منهما.
وبين تقرير صدر عن بيت العمال مؤخرا، أنه وبرغم مصادقة الأردن على أهم الاتفاقيات الدولية في مكافحة عمل الأطفال، كاتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، واتفاقيتي العمل الدوليتين رقم (138) ورقم (182)، وبرغم أن قانون العمل الأردني جاء منسجما مع هذه المبادئ، فمنع تشغيل الحدث إذا لم يكمل الـ16 من عمره بأي صورة من الصور، ومنع تشغيله في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة قبل بلوغ الـ18، وعلى ألا تزيد ساعات عمله عن 6 ساعات، وألا تشغل ليلا وفي الأعياد والعطل الرسمية والأسبوعية، لكن هذه الأحكام لم تفلح بالحد من هذه المشكلة التي ما تزال تتفاقم سنويا، وما تزال حالات المخالفات التي تضبط والتي تبلغ سنويا نحو 500 حالة، ضئيلة جدا مقارنة بعدد الأطفال العاملين، في وقت افتقدت فيه السياسات والبرامج الخاصة بالحد من عمل الأطفال، للتنسيق الفعال بين الجهات المعنية لتنفيذها.
واعتبر التقرير أن صدور “الإطار الوطني للحد من حالات الأطفال العاملين والمتسولين” و”دليل إجراءات التعامل مع حالات الأطفال العاملين والمتسولين” وإقرارهما من مجلس الوزراء في آذار (مارس) الماضي، نقلة نوعية في التعامل مع حالات عمل الأطفال، اذ اشتمل على الخدمات اللازمة للطفل العامل ولأسرته وللمجتمع من الجهات الرسمية والأهلية ذات العلاقة، في المجالات الاجتماعية والنفسية والصحية والاقتصادية والتربوية والتعليمية والقانونية والقضائية، وتوفير الحماية والأمان، بعد أن كان الإطار الوطني السابق الصادر العام 2011، يقتصر على دور وزارات العمل والتنمية الاجتماعية والتربية والتعليم، لكنه أبدى خشيته من أن يؤدي دمج الأطفال المتسولين في الإطار الجديد مع عمل الأطفال، لنوع من الارتباك في التعامل مع قضايا عمل الأطفال، نظرا لاختلاف طبيعة الإجراءات المتخذة بشأن كل منها، وأن يتسبب ذلك في المساس بمبدأ معاملة الطفل العامل على أنه ضحية.
وأوصى التقرير بإعادة تشكيل الفريق الوطني لعمل الأطفال، ووضع آلية عمل محكمة له من حيث المهام والصلاحيات وفعاليتها، وتحديث الاستراتيجية الوطنية للحد من عمل الأطفال، واعتمادها من مجلس الوزراء، بحيث تكون ملزمة للجهات ذات العلاقة، مشيدا بمساعي الحكومة التي بدأت مؤخرا بتحقيق ذلك، بالتعاون بين الجهات الرسمية والأهلية المعنية.
مديرة جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان لندا كلش، اكدت زيادة عدد المفتشين على عمل الطفل من “العمل”، بحيث ان مخالفة 40 حالة فقط من ضمن عشرات آلاف الحالات لاطفال عاملين، رقم ضئيل، داعية لفرض عقوبات مشددة على مشغلي الأطفال، وتوفير أنظمة دعم نفسي اجتماعي للأطفال العاملين لمساعدتهم على الانخراط في البيئة التعليمية مجددا.
ودعت كلش لتوفير أنظمة للتعليم التكميلي لتعويض الفراغ الذي تسبب به الانقطاع عن التعليم للطلاب الذين لم يكونوا قادرين على الوصول للمنصات التعليمية، والعاملين منهم ومن في المرحلة الابتدائية ممن لم يحصلوا على التعليم بشكل مناسب أو كاف، وعمل جلسات رفع وعي بالمدارس من المرشدين والمرشدات، لنشر الوعي بينهم حول مخاطر عمل الطفل، وتوجيه الطلاب الراغبين بالعمل للتوجه للتدريب المهني، أو التخصصات المهنية بعد الصف الـ10.
ورقة موقف حول عمل الطفل في الأردن صدرت عن “تمكين، شملت عينة مكونة من 89 من أهالي الأطفال العاملين، تطرقت للمستوى التعليمي للطفل في حال اندماجه في بيئة العمل، كمحاولة للكشف عن العلاقة بين التعليم والعمل، والاستمرار بالتعليم بعد الانخراط في العمل، وقدرة الأطفال على المواءمة بين التعلم والعمل، لتظهر النتائج انه كلما أظهرت ارتفاع عدد ساعات العمل، انخفضت قدرة الطفل على الذهاب للمدرسة، والمواءمة بين التعليم والعمل، اذ بلغت نسب الأطفال العاملين الملتحقين في المدارس 64 % مقارنة بغير الملتحقين بالمدرسة (36 %).
وتبين أن الأطفال غير الملتحقين بالدراسة، توقفوا عن الذهاب للمدرسة في مراحل مختلفة، اذ بلغت نسبة الأطفال من توفقوا عن الدراسة في مرحلة الإعدادي 16.8 %، تليها مرحلة الابتدائي وبلغت 15.7 % فالثانوية والأمية دون الـ2 %، وفق الدراسة.
كما أظهرت الدراسة، أن توزيع المهن التي يعمل بها الأطفال، تبلورت في أعمال: ميكانيك السيارات المختلفة والتحميل والتنزيل والنظافة، والحدادة والنجارة والخياطة.
ومن شروط تشغيل الحدث في الأردن، ألا يعمل في الاعمال الخطرة او المرهقة أو المضرة بالصحة، المحددة بموجب قرار وزير العمل الصادر بمقتضى أحكام المادة (74) من قانون العمل رقم (8)، وألا يعمل أكثر من 6 ساعات يوميا، على أن يعطى فترة للراحة لا تقل عن ساعة بعد عمل 4 ساعات متتالية، وألا يقل الأجر الشهري عن الحد الأدنى للأجور.