2023.. العبرة في التنفيذ
لا مجال أمام الحكومة في العام الجديد أن تكرر أخطاءها في السنوات السابقة، ولا فرصة لديها للتأخر في تنفيذ ما التزمت به من وعود اقتصادية، وليس لديها “فسحة” مالية لقرارات شعبوية تكلفها مئات الملايين من الدنانير.
الحكومة في العام الجديد ستكون محط أنظار المراقبين والمحللين وأعين النقد المجتمعي الذين سيراقبون أداءها هذه المرة بكل تفاصيله، وسيكونون واقفين لها بالمرصاد في حال التعثر أو التراجع في الأداء.
خطة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي هي الكرة التي ستكون في ملعب الرقابة على الأداء الرسمي، ومعيار التقييم لمدى التزامها الحقيقي بما تعهدت به في تنفيذه، بعد أن رسمت وخططت إجراءات التنفيذ لعملية اقتصادية أشهرت على مرأى المجتمع بأطيافه، ولا مجال أبداً لأي أعذار حكومية للتأخير في التنفيذ، فهي من خططت وهي من ستنفذ.
الإصلاح الإداري الذي يعد أحد أكبر التحديات للعملية الإصلاحية في الدولة هو الآخر محط اختبار حقيقي لقدرة الحكومة على ترجمة تعهداتها الإصلاحية لبرامج عمل تركز في أساسها على تحسين الخدمات الرسمية المقدمة للمواطنين ومجتمع الأعمال، وهذا لن يكون بفاعليته المطلوبة دون جرأة في اتخاذ القرارات السليمة بالاعتماد على الكفاءات والابتعاد عن أشكال المحسوبيات والواسطات المنتشرة في الأعمال الرسمية المختلفة، ومحاربتها بتعزيز سيادة القانون والعدالة في المجتمع.
قانون الموازنة العامة الذي ما يزال مشروعه بين يدي مجلس النواب هو الآخر اختبار لمدى تقيد الحكومة بما خططت إليه مالياً لهذه السنة، فالدارج في سلوكيات الموازنة العامة هو تجاوزها المستمر من قبل الطاقم الحكومي الوزاري والاعتداء على المالية العامة بإنفاق خارج القانون المقر دستورياً من قبل مجلس الأمة ومصادقة الملك، فالتزام السادة الوزراء بالسقوف الإنفاقية المخصصة لوزاراتهم، وعدم تجاوزها تحت مبررات مختلفة يسوقونها في كل تجاوز إنفاقي خطوة أساسية على الصعيد المالي للدولة، والالتزام بما أقر للوصول إلى ما استهدف في الخطة المالية للدولة للسنة المالية الحالية دون تجاوز العجز المالي المستهدف هو السبيل الوحيد لإعادة التوازن في الموازنة وعدم خروجها عن مسارها المطلوب، لأن ذلك يعني ببساطة الوصول إلى المؤشرات المالية المستهدفة والتي يسعى الجميع إليها.
وليكن العام الجديد عاماً مخصصاً لإطلاق مستوى متقدم من الخدمات الرقمية والتكنولوجية التي تسهل على المواطنين والمراجعين تجاوز الاصطدام بالعنصر البشري الإداري الذي لن تستطيع الحكومة تجاوز تعقيداته دون الإسراع في إنجاز منظومة الخدمات الإلكترونية التي سبقتنا بها دول الجوار أشواطا عديدة، بعد ما كانت المملكة رائدة فيها.
ليكن العام الجديد الذي تنطلق فيه الحكومة لتحسين خدماتها التعليمية والصحية التي تعرضت لضغوطات كبيرة في السنوات الأخيرة، مما تسبب في تراجع مستوياتها رغم الأموال الكبيرة التي تصرف عليها والتي تشكل أكثر من 25 % من الإنفاق العام في الموازنة، لكن من الواضح أن هناك إدارات غير رشيدة في توظيف هذه الأموال في هذه القطاعات بدليل المخرجات التي يعاني منها المجتمع اليوم، ولا يغيب عن المشهد الخدمات الرسمية لقطاع النقل الذي ما يزال غائباً عن أولويات الرؤية التنفيذية الحكومية رغم احتلاله صدارة المشهد الإعلامي في خطاباتها الرسمية، فالفجوة بينهما كبيرة.
ليكن العام الجديد عام التنفيذ والعمل بما تعهدت به الحكومة، وليس مطلوباً منها أكثر من تنفيذ ما أقرت والتزمت به، فلا داعي لأي وعود أو تعهدات جديدة، “اعملوا اللي اتعهدتوا فيه ويخلف الله عليكم”.