البنك الدولي: الأردن يحتاج نموذجاً جديداً للتنمية قوامه تحسين الوضع المائي والأمن الغذائي والطاقة

{title}
أخبار الأردن -

د. حازم الناصر 

صدر هذا الشهر تقرير للبنك الدولي الأول من نوعه تحت عنوان «المناخ والتنمية في الأردن» والذي يُقيم أهداف التنمية الأردنية وعلاقتها بالتغير المناخي، وموجه بالدرجة الأولى لأصحاب القرار لحثهم على ضرورة ترابط وتناغم أهداف التنمية والالتزام بإجراءات التغير المناخي وإدخالها في صميم النموذج الأردني للتنمية.

التقرير يعرض سبب ارتفاع الدين العام والنمو الاقتصادي المتواضع وذلك بسبب ظروف داخلية وخارجية ابتداء من الازمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨ والتوترات الإقليمية بسبب مشاكل الربيع العربي وتأثيرها على قطع امدادات التجارة البينية وما نتج عنها من لجوء ١،٣ مليون لاجئ سوري وما تبعها من تأثيرات لجائحة كورونا وأخيراً الحرب في أوكرانيا، والتي أدت بمجملها الى زيادة الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من ١١٣،٧ ٪ عام ٢٠٢١ الى ١١٨٪ بحلول العام ٢٠٢٤، مع نمو اقتصادي يراوح مكانه بحدود ٢،٣٪ حتى العام ٢٠٢٤. هذه العوامل مجتمعة أدت إلى المزيد من الضغط على مصادر المياه والتي هي شحيحة بطبيعتها.

الأردن بلد محدود الموارد الطبيعية وخاصة المياه ويعتمد على استيراد الغذاء بشكل كبير، اذ يشكل ٢٠٪ من مجموع الاستيراد الكلي وبالتالي يتأثر بشكل غير عادي في أية اهتزازات خارجية، وعلى الدولة الأردنية التأكيد على ترابط أمن المياه والطاقة والغذاء، لا سيما وان الأردن يواجه ازمة مياه مصيرية بسبب تدني حصة الفرد الى ٩٧ م٣ بالعام لكافة الاستخدامات.

 كما أن تأثيرات التغير المناخي ستؤدي الى المزيد من نقص المياه وبالتالي ستعاني قطاعات الزراعة والشرب والصناعة والنظام الاجتماعي المزيد من الضغوطات بسبب نقص وقلة المياه. 

إن استيراد الغذاء بشكل كبير مع نقص حاد في المياه واستيراد ٩٠٪ من حاجة الأردن من الطاقة يُحتم على أصحاب القرار التحضير لنموذج جديد للتنمية يكون قوامه تحسين الوضع المائي وتحسين الامن الغذائي وموارد الطاقة، مع الاستفادة من فرصة إجراءات وبرامج التخفيف والتكيف مع التغير المناخي ضمن هذا النموذج.

يحذر التقرير من أن التأخير في برامج وإجراءات مكافحة التغير المناخي سيفاقم من تحديات برامج واهداف خطط التنمية الأردنية، لأن التغير المناخي يضيف تحديات إضافية تتعلق بالفقر والدين العام والمقدرة على خلق فرص عمل جديدة. 

ويوصي التقرير بانه ولتحقيق أهداف التنمية والتعامل مع التغير المناخي، لا بد من انتقاء الأولويات الوطنية بحذر شديد وتنفيذها بطريقة مستدامة مع الاخذ بعين الاعتبار المحددات الوطنية الداخلية الأخرى. 

إن الاستمرار بنفس النهج الحالي سيؤدي حتماً الى المزيد من التأثير السلبي على المواطنين والاقتصاد ورأس المال الطبيعي او استدامة الموارد الطبيعية وعلى رأسها المياه. 

كما ويشير التقرير الى أن خطة التحديث الاقتصادي للعشر سنوات القادمة قد تضمنت بعض الإجراءات المستدامة من خلال إدخال الاستثمار الأخضر او الصديق للبيئة كجزء متكامل من خطة النمو الاقتصادي المستقبلية، ويؤكد التقرير على دعم جهود الحكومة في هذا المجال من خلال توفير التحليل والتقييم للسياسات وخارطة طريق للاستثمار المطلوب لاطلاق عنان قدرات الاقتصاد الوطني وتحسين مستوى معيشة المواطنين في ظل مناخ متغير.

ويخلص التقرير إلى أن ندرة الموارد الطبيعية واستيراد كبير للسلع الغذائية مع تأثير واضح وقادم للتغير المناخي، يجعل من إجراءات التكيف مع التغير المناخي ضرورة مهمة واولوية وطنية ضاغطة.

 إلا أن المخاطر والتهديدات الواردة في التقرير من الممكن التخفيف من حدتها من خلال استخدام اجراءات التغير المناخي كانطلاقة جديدة للاقتصاد الأردني من خلال التصدي لندرة المياه وتحسين الوضع المائي، مما سيساعد على بناء اقتصاد أردني أكثر منعة، جنبا الى جنب مع الاستثمار بالموارد البشرية والابتكار وتفعيل دور القطاع الخاص والتي من شأنها مجتمعة ومتكاملة من إزالة عوائق سوق العمل. سيحتاج الأردن إلى استخدام مجموعة من السبل لحشد التمويل لمشاريع المناخ ذات الأولوية، مع إصلاح لسياسات مختارة لتحسين إدارة الاستثمار العام في القطاعات الرئيسية، وجذب تمويل القطاع الخاص والاستفادة منه، وتغيير السلوكيات، وضمان مشاركة أكبر للقطاع المالي، لتحقيق أولويات التصدي للتغير المناخي في الأردن.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير