"قاتل البراءة"
أحمد سلامة ابوهلالة
براءة المحبة للحياة، طفلة شقية تحب اللعب والأفراح، جدها واجتهادها أكملا جمالها اللطيف فزاد تعلق الأم بها .
عادت من مدرستها تبشر أمها بقطف الجائزة والبسمة تعلو محياها، إنها جائزة الإبداع في فن الإلقاء.
فرحت الأم كثيرا وضمتها إلى صدرها قائلة ستكونين أعظم شاعرة في الوجود، لك عندي بشرى تحبينها: عرس خالك هذا الأسبوع، ضمت أمها وقبلتها وانطلقت تركض وترقص فرحا.
وعلى الجانب الآخر صيوان الرجال، حيث السامر والدبكات والحداء.
انطلقت براءة مع رفيقاتها تجوب المكان بفرح وانبهار، دخلت معترك السامر كأنها تسير فوق الغمام، بدت بفستانها الأبيض كملاك يزين المشهد بحركاته وضحكاته .
وفي لحظة تسمر فيها الكون، أخرج أرعن مسدسا وبدأ يطلق النار إلى السماء ابتهاجا.
يده الآثمة تفقد توازنها و تركيزها لتنطلق آخر الرصاصات وتستقر في صدر براءة .
فوضى جنونية تعم المكان، أصوات وصرخات تختلط ، إرباك يسيطر على المكان، صوت سيارة الإسعاف الموحش يتداخل مع صوت إنذار سيارة الشرطة .
الأم تركض خطوات وهي تلطم وجهها تريد اللحاق بابنتها، الشرطة يقيدون المتهور اللامبالي بالأغلال وهو في حالة من الذهول الغامض .
الأم والأب يسرعون للمشفى في موكب من الحزن والعويل، أمام غرفة العناية الحثيثة طبيب يقول: السلامة لبراءة الحمد لله الرصاصة لم تصب القلب .. حالتها طيبة، وما إن تصحو من التخدير سندخلكم لرؤيتها .
ضابط الشرطة أتى للمعاينة يقترب من الأب: حمدا لله على سلامة البريئة .. يربت على كتف والدها: لا عليك سينال الجاني جزاءه .
الأب: تغرورق عيناه بالدموع و تنسل دمعات حرى على وجنتيه المرتعدتين .
تحلق الأب والأم والأقارب حول سرير براءة، وما هي إلا لحظات حتى فتحت عينيها، فهدأت نفس الأم، اقتربت الأم من براءة : كيف أنت يا روحي الآن
براءة : هل ما زال الفرح قائما يا أمي ..!
الأم : نعم يا براءتي
الضابط : ستبقى الأفراح تغمر قلوبنا بالسعادة والأمان ، وسنجتث بالوعي عبث الجاهلين، ليتهم يدركون أن الرصاصة إن لم تقتل قريبا منهم، فلن تبقى معلقة في السماء، ستهوي وتصيب من تصيب على هذه الأرض التي خلقنا لإعمارها، لا لقتل الأبرياء فيها بلا ذنب ...!!!؟