ألم الصّدر والنخزات.. متى تكون خطيرة؟
قد يشعر الإنسان بألم في الصدر، وهي حالةٌ تسبِّب القلق والهلع عند الكثيرين، لا سيما وأنها تُباغت الفرد على غفلة!، لكنها في الغالب لا تُخفي وراءها ما هو خطيرٌ.
وتختلف أسباب الألم الصّدريّ مِن أسبابٍ بسيطةٍ كالتّوتّر والقلق، إلى أسبابٍ حياتيّةٍ كالأزمة القلبيّة (الجلطة القلبيّة) والصِّمَّة الرّئويّة.
ويمكن التّفريق بين هذه الأسباب مِن خلال علاماتٍ وتظاهراتٍ نوعيّةٍ لكلٍّ منها، لكن يبقى الحسم والتّشخيص فقط مِن التّظاهرات غير الممكنة في كثير مِن الأحيان؛ لذا لا تتهاون في طلب الإسعاف واستشارة الطّبيب عند الشّعور بأيّ ألمٍ مبهَمٍ في الصّدر.
أسباب ألم الصدر:
1) عسر الهضم: يبدأ عادةً بعد تناول الطّعام، ويترافق الألم هنا مع شعورٍ بالامتلاء والانتفاخ، قَلَسٌ (ارتجاع) للموادّ الطّعاميّة يؤدّي إلى شعورٍ حارقٍ خلف عظم القصّ في مقدمة جدار الصّدر.
2) ألم جدار الصّدر (الألم العضليّ الهيكليّ): يحدث بعد الإجهاد العضليّ بسبب التّمارين أو بسبب سعالٍ شديدٍ أو أذيّةٍ لجدار الصّدر، ويتحسّن عند الرّاحة. قد يكون مصدر الألم عضلاتٍ أو مفاصل جدار الصّدر، وقد يحدث في حالاتٍ نادرةٍ نتيجة رضوض الصّدر وكسر أحد أو مجموعةٍ مِن الأضلاع.
3) نوبة هلعٍ أو قلقٍ (الألم الصّدريّ نفسيّ المنشأ): تتحرّض بحالات التَّوتّر، تتظاهر بتسرّع نبضٍ، تعرّقٍ ودوارٍ، وأحيانًا شعور ضِيقٍ في الصّدر وصعوبةٍ في التّنفّس. وتجدر الإشارة إلى صعوبة تشخيص حالاتٍ كهذه إلّا بعد نفي جميع الأسباب العضويّة المشتبهة.
4) ذات الرّئة (التهاب الرّئة) أو التهاب الجَنْب: ألمٌ يسوء بالتّنفّس، يتظاهر بسعالٍ منتِجٍ لقَشَعٍ (بلغم) أصفرَ أو أخضرَ مع حرارةٍ عاليةٍ. يتميّز التهاب الجَنْب بالارتياح المؤقَّت عند الضّغط على مكان الألم أو أخذ شهيقٍ عميقٍ.
5) داء المِنْطقة (داء فيروسات الحَلأ) أو كما يُسمى "زُنّار النّار": يتميّز بتنميلٍ وطفحٍ جلديٍّ مع احمرارٍ يتحوّل إلى حويصلاتٍ تنتشر بين الأضلاع على شكل زُنّارٍ (حزام) مِن الظَّهر إلى الصّدر.
متى يكون الألم الصّدريّ ذو منشأٍ قلبيٍّ أو وعائيٍّ؟
أشيع هذه الأسباب:
1) التهاب التَّأمور: وهو احتقان الأغشية المحيطة بالقلب، يكون الألم حادًّا مفاجئًا طاعنًا، يسوء بالاستلقاء والشّهيق العميق والسّعال.
2) المتلازِمة الإكليليّة الحادّة أو ما تُعرف بإقفار (نقص تروية) العضلة القلبيّة (الذّبحة الصّدريّة): وتتنوّع تظاهراتها مِن الشّكل العابر المؤقّت كما في الذّبحة المستقرّة؛ مرورًا بالذّبحة غير المستقرّة الّتي تُعدّ مرحلةً تسبق الأزمة القلبيّة؛ إلى الانسداد الشّريانيّ الحادّ لأحد الشّرايين التّاجيّة، وهو ما يُعرَف بالجلطة القلبيّة (الأزمة القلبيّة) الّتي قد تودي بحياة المريض.
ويكون الألم عادةً في منتصف الصّدر، يظهر على نحوٍ مفاجئٍ، عاصرٍ، يستمرّ في الذّبحة غير المستقرّة والأزمة القلبيّة أكثر مِن 15 دقيقةً؛ وقد ينتشر للذّراع أو الظَّهر أو الرّقبة والفكّ. ويترافق عند بعض المرضى مع شعور ثِقَلٍ في الصّدر.
كما نلاحظ غالبًا أعراضًا إنباتيّة؛ مثل تسرّعٍ بالتّنفّس، تعرّقٍ، وشعورٍ بالإعياء.
ومِن الجدير بالذّكر أنّ الأعراض عند النّساء ومرضى الدّاء السّكّريّ تميل لأن تكون مبهَمةً أكثر.
3) الصِّمَّة الرّئويّة: وهي انسدادٌ أو تضيُّقٌ للشّريان الرّئويّ بصِمَّةٍ؛ ممّا يعيق جريان الدّم فيه. يكون الألم مشابهًا لألم الأزمة القلبيّة، وقد يغيب ليتظاهر فقط بتسرّع تنفّسٍ مفاجئٍ وغير مفسَّرٍ. قد يترافق أحيانًا مع سعالٍ منتِجٍ لقَشَعٍ مُدَمًّى، وهي حالةٌ لا تقلّ خطورةً عن الجلطة القلبيّة، وتحتاج إلى تدبيرٍ إسعافيٍّ في المستشفى.
4) تسلّخ الأبهر: وهي إصابةٌ على مستوى الطّبقة البِطانيّة للأبهر، تترافق مع ألمٍ صاعقٍ، عادةً ما ينتشر بين لوحَي الكتف ويكون نابضًا، مِن أهمّ العلامات الّتي تميّزه (مع ندرتها) ضعف النّبض بيدٍ واحدةٍ مقارنةً مع اليد الأخرى، التّعرّق الشّديد، ضعفٌ مفاجئٌ في الرّؤية والقدرة على الكلام. تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المرض مهدِّدٌ للحياة ويستوجب تشخيصًا فوريًّا وعلاجًا مباشرًا (باستبدال الشّريان الأبهر جراحيًّا).
متى أكون مؤهَّبًا للإصابة بأزمةٍ قلبيّة؟
- التّقدّم بالعمر عنصرٌ أساسيٌّ مِن عوامل الخطر.
تترافق معه عوامل الخطر المؤهِّبة للأمراض القلبيّة المزمنة:
- التّدخين.
- البدانة.
- السّكّريّ وارتفاع الشّحوم في الدّم (الكوليسترول).
- ارتفاع ضغط الدّم.
- وجود قصةٍ عائليّةٍ لنقص التّروية القلبيّة تحت سنّ 60.
ماذا أفعل في حالة الأزمة القلبيّة؟!
1) اتصل بالإسعاف وحافظ على الهدوء مع تمديد المريض بوضعيّة نصف الجلوس.
2) تناول أسبرين (مضغًا): حيث يعمل كمميِّع للدّم ومضادّ لالتصاق الصُّفيحات، لكن لا يجوز أخذه في حالة أخذ مميِّعٍ آخرَ أو التّحسُّس الدّوائيّ له أو الإصابة بأذيّةٍ في الصّدر.
3) إعطاء النتروغليسيرين في حال توافره؛ فهو يعمل على توسيع الأوعية وتحسين تروية العضلة القلبيّة، لكن يجب ألا يُعطى في حال انخفاض الضّغط الدّمويّ تحت 120 ملم زئبقيّ.
4) في حال ظهرت على المريض أعراض الصّدمة مع الغياب عن الوعي وعدم كفاية التّنفّس؛ لا بُدّ مِن الشّروع مباشرةً بالإنعاش القلبيّ الرّئويّ بتمسيد القلب (100 مرةٍ في الدّقيقة وبالضّغط على مقدّمة الصّدر بعمق ٥ سم باتجاه العمود الفقريّ) حتى وصول طاقم الإسعاف.