هذه هي بريطانيا
حمادة الفراعنة
ضجّ العالم برحيل ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، ونحن إذ نتعاطف مع عائلتها لرحيلها، نكن الاحترام للشعب البريطاني ومكوناته القومية المتعددة، بنفس القيمة والقوة وأكثر نرفض سياسة بلادها نحو العرب، إذ كانت عدوانية استعمارية، منذ أن قادت العالم نحو التطور عبر الثورة الصناعية الاولى، والتحول نحو الآلة الميكانيكية، واحتلالها للعديد من بلدان العالم ومنها الأقطار العربية، وأن ما يجعلنا محايدين نحو رحيل الملكة إليزابيث، أنها لم تكن صاحبة القرار، او لها علاقة أو دور أو تأثير على سياسة بلادها الاستعمارية نحو العرب.
في 2/11/1917، صدر وعد بلفور البريطاني بإعطاء فلسطين للحركة الاستعمارية الصهيونية حليفة بريطانيا وأداتها في استعمار فلسطين وجعلها وطناً لليهود، وعملت طوال عشرات السنين من أجل تحويل فلسطين إلى وطن للمهاجرين الأجانب على الطريقة الأميركية والكندية والاسترالية والعديد من الأقطار الإفريقية، وارتكاب الجرائم بحق سكانها الأصليين، لصالح المهاجرين الأجانب، الذين تحولوا إلى أغلبية لدى بعض هذه البلدان وتم استعمارها واحتلالها على حساب شعوبها الأصلية، كما فعلوا في فلسطين لصالح المهاجرين الأجانب من اليهود.
بريطانيا لم تكن وحدها بل كانت طليعة الدول الأوروبية التي سهلت احتلال فلسطين واستعمارها لصالح الصهونية والأسرلة والعبرنة والتهويد، ولا تزال، بدون أي اعتبار للشعب العربي الفلسطيني وحقوقه الوطنية وتطلعاته نحو الحرية والاستقلال.
في 2/3/1956، بادر الراحل الملك حسين وطرد غلوب باشا من قيادة الجيش العربي الأردني وكافة الضباط البريطانيين، بقرار سعى من خلاله إلى تعريب قيادة الجيش والتخلص من تبعات العلاقة مع بريطانيا، التي صُدمت بهذا القرار، وتدهورت العلاقة معها ومع الولايات المتحدة وحلفائهما بسبب ذلك القرار الأردني الذي جسده الراحل الحسين واتخذه بشجاعة ووضوح، ضد الضابط البريطاني الذي عمل بالجيش الأردني منذ عام 1930، وخلف الضابط فريدرك جيرارد عام 1939 حتى أعفاه الملك من قيادته للجيش بلا رجعة.
في 17/1/1991 شن الأميركيون و البريطانيون، بشكل رئيسي هجوماً على العراق بهدف تحرير الكويت على أثر الخطيئة التي وقع بها وارتكبها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ، أدت إلى خروج العراق من الكويت وهزيمته يوم 28/2/1991 ودمار العراق وخرابه.
الأميركيون والبريطانيون لم يكتفوا بتدمير العراق بل عملوا على احتلاله بدءاً من يوم 19/3/2003، وانتهاء بسقوط نظامه يوم 9/4/2003.
سياسة بريطانيا مع العرب تميزت أنها: مُرة، علقم، سموم، لم نتذكر منها سوى الوجع والعذاب والسيطرة الاستعمارية، فكيف لنا التعامل مع رحيل الملكة إليزابيث، حتى وهي لا ذنب لها مباشرة في إدارة السياسة البريطانية نحو بلادنا وشعبنا وأمتنا.
لها الرحمة والمغفرة، لعل خليفها من ناحية إنسانية يمكن له أن يُعبر عن تعاطفه مع معاناة الشعب الفلسطيني لأن بلده سبب وجع الفلسطينيين وتشردهم، وهي مطالبة بإنصاف الشعب الفلسطيني، والاعتراف بدولته وحقه في الاستقلال، وشجب سياسات المستعمرة وتوسعها ورفض إجراءاتها المتصادمة مع حقوق الإنسان.