ما حجم تأثر الأردن بتشغيل مطار رامون؟
بتشغيل سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمطار رامون بالنقب، وبدء سفر فلسطينيين من الضفة الغربية عبره، تدخل العلاقات الأردنية الإسرائيلية مرحلة جديدة من التأزيم، وإن كانت بصمت هذه المرة، رغم اللقاءات التي جرت بين الملك الأردني عبد الله الثاني برئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد.
فأزمة مطار رامون أردنيا تحمل أبعادا سياسية واقتصادية، وفق محللين، أهمها أن تشغيل المطار يشكل اعتداء على سيادة الأردن، وضربا للمعبر البري الوحيد -معبر الملك حسين- الذي يسمح للفلسطينيين بالاتصال بالعالم، وإضرارا بمصالح عمّان الاقتصادية فيما يتعلق بالقطاعات السياحية والنقل الجوي، ولا يعبر عن روح التعاون وأفق سلام بين الدولتين.
وذهب محللون لأبعد من ذلك بقولهم إن خطورة تشغيل مطار رامون على المصالح الأردنية، قد تؤثر على حزمة المشاريع الإستراتيجية المزمع تنفيذها بين الجانب الإسرائيلي والأردن من جانب، ودول الخليج العربي من جانب آخر، خاصة سكة حديد السلام، ومشروع بوابة الأردن، ونقل الغاز الإسرائيلي عبر أنابيب الخط الأردني، وصولا إلى مصر لتسيّله وتصدره لدول أوروبية، على حد قول المحللين.
وأكد الخصاونة العمل على تعزيز التبادل التجاري مع الفلسطينيين، وتعزيز الصادرات الأردنية إلى فلسطين، ورفض المساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك.
بدوره، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إن مطار رامون من المشاريع التي من شأنها الإضرار بالمصالح الأردنية الفلسطينية المشتركة، ولن تجد لها شريكا فلسطينيا لا رسميا ولا شعبيا، إذا فعلا أراد الاحتلال الإسرائيلي تسهيل حياة الفلسطينيين فليفتح مطار القدس الدولي.
وأضاف أشتية أنه "لا مطار رامون ولا أي مطار غيره سيكون بديلا عن عمقنا الأردني"، مثمّنا الإجراءات التي اتخذتها السلطات الأردنية لتسهيل عبور الفلسطينيين عبر الجسور، من خلال تمديد ساعات العمل وتوفير سبل الراحة للتنقل، موضحا أن "إعاقة حركة التجارة والتنقل تتم من الطرف الآخر (الإسرائيلي)، وبحجج كثيرة".
وعلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي انتقد ناشطون أردنيون سفر فلسطينيين من الضفة الغربية عبر مطار رامون، ودشن نشطاء وسم "#التطبيعالفلسطينيخيانة"، للتعبير عن رفضهم لهذه الخطوة، وغرد نشطاء على وسم "#مطار_رامون" رافضين أي تعاون مع الاحتلال الإسرائيلي.
واعتبر نشطاء استخدام مطار رامون الإسرائيلي من فلسطينيي الضفة أو قطاع غزة مستقبلا "خيانة عظمى وطعن في ظهر الأردن على كل المواقف التي وقفها مع الشعب الفلسطيني في الدفاع عن قضيته العادلة"، على حد وصفهم.
ولا توفر خطوة تشغيل المطار "أجواء التعاون والسلام بين البلدين"، وفق حديث عضو مجلس الأعيان وزير الإعلام الأردني الأسبق محمد المومني للجزيرة نت، مضيفا أن الأصل أن يكون هناك تعاون بين الأردن وإسرائيل في "تشغيل مطار الملك حسين الدولي بالعقبة، بدلا من إنشاء مطار رامون، وهذا ما تم التوافق عليه في معاهدة وادي عربة"، أما وجود مطارين ينافسان بعضهما البعض في العقبة الأردنية وإيلات الإسرائيلية فهذا "سيؤثر على أفق عملية السلام بين الدولتين".
وفلسطينيا، يرى المومني أنه على السلطة الفلسطينية المطالبة بـ"موقف حازم يدعم الموقف الأردني"، فكما تطلب السلطة من الفلسطينيين عدم استخدام المطارات الإسرائيلية في تل أبيب واللد، أيضا مطلوب موقف رسمي بـ"منع استخدام مطار رامون من قبل الفلسطينيين، واستمرار استخدام جسر الملك حسين إلى حين إقامة الدولة الفلسطينية، والأصل أن يكون هذا منطوق السلطة الفلسطينية في هذه المرحلة"، على حد قوله.
ويشدد محللون على ضرورة وجود حالة رفض شعبي لمطار رامون، لأن أي استخدام للمطار يشكل "تطبيعا فلسطينيا، وخدمة للمصالح الإسرائيلية، ودعما اقتصاديا للجانب الإسرائيلي على حساب المصالح الأردنية".
ووفق المحلل الاقتصادي عصام قضماني فإن تشغيل مطار رامون "سيأخذ حصة كبيرة من ركاب مطاري الملكة علياء الدولي، والملك حسين بالعقبة"، إضافة لتبعاته الاقتصادية على عدة قطاعات، مؤكدا أن "إسرائيل تغري المسافر الفلسطيني بتخفيض التكاليف المالية للسفر عبر المطار، واختصار المدة الزمنية للتنقل عبر المعابر البرية".
ويرى قضماني أن الرد الرسمي الأردني "لا يجب أن يتوقف فقط على تقديم شكوى لمنظمة الطيران الدولية، بل يلجأ للقضاء الدولي لوقف عمل هذا المطار"، مضيفا أن "إسرائيل تتحدث عن مشاريع تعاون اقتصادية للمنطقة العربية، لكنها تفعل العكس بإنشاء وتشغيل مطار ملاصق لمطار العقبة"، مما يؤشر على أن تلك الأحاديث الإسرائيلية ما هي "سوى أكاذيب وتضليل" على حد وصفه.
وعبّرت شركات سياحية عن تخوفها من استغلال إسرائيل لجذب المجموعات السياحية عبر رامون وزيارة مدينة العقبة لمدة يوم وذلك على حساب الأردن، وتخوفات من أن يطال السفر رحلات العمرة والحج مستقبلا من ذات المطار.
وأضاف أن خطة "إنشاء مطار بري للبضائع والركاب على معبر الكرامة، سيسهم في التخفيف على المسافرين القادمين من الأراضي الفلسطينية"، ولا يملك الأردن منفردا قرار تشغيل المعبر لمدة 24 ساعة خاصة مع الاشتراطات الإسرائيلية المعرقلة لذلك.
وقد أصدر الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن بيانا دعا فيه "الأشقاء الفلسطينيين لعدم استخدام مطار تمناع الصهيوني، ورفض التطبيع عبر استخدام هذا المطار للتنقل والسفر"، مشيرا إلى أن "الخطوة الإسرائيلية تأتي في ظل الاندفاعة الرسمية لمزيد من التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتوقيع الاتفاقيات معه وآخرها مشروع بوابة الأردن، وفي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني واستباحة المقدسات، والسعي لشطب الدور الأردني بالولاية عليها.
ويرى محللون أن مما ساهم في تشغيل المطار، حالة التقارب بين الجانب الإسرائيلي والتركي وذوبان الخلافات بين البلدين وتطور العلاقات الدبلوماسية بينهما.