"الإفتاء" توضح الحكم الشرعي لإطلاق النار بالمناسبات

{title}
أخبار الأردن -

أصدرت دائرة الإفتاء العامة، اليوم الأربعاء، فتوى في سياق ردها على سؤال حول حكم إطلاق العيارات النارية في الهواء في المناسبات وغيرها.

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان نتائج التوجيهي غدا، حيث أصدرت مديرية الأمن العام اليوم أيضا، بيانا قالت فيه إنه سيتم تكثيف المراقبة على ظاهرة إطلاق العيارات النارية، ومتابعة أي شخص يقوم بارتكابها لحين ضبطه، واتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية المشدَّدة بحقه، وعدم إغفال أي ملحوظة أو شكوى ترد بهذا الخصوص، وعدم إغلاق التحقيق بها، إلا عند إلقاء القبض على مرتكبها وضبط السلاح المستخدم.

ودعت المديرية إلى الالتزام بالقانون، والتعبير بكل حضارية عن الفرح بعيداً عن ارتكاب أية مخالفات تهدد حياة الآخرين، وتعطل أعمالهم، ومؤكدة في الوقت نفسه أنه سيتم التعامل مع أية مخالفة بصرامة تامة داعية كذلك للابلاغ عن اية بلاغات ومشاهدات خطرة عبر رقم الواتسب 0790196196. 

وبالعودة إلى دائرة الإفتاء، فقد أجابت على السؤال بالآتي:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

حفظ النفس من أهم مقاصد الشريعة، فلا يجوز الاعتداء عليها بحال، وقد شرع الإسلام الأحكام الكفيلة بالمحافظة على هذا المقصد، فحرم القتل والطرق المؤدية إليه، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ) رواه مسلم.

ومن الوسائل التي تحقق المقاصد في حفظ النفس والمال، منع إطلاق العيارات النارية في المناسبات والأفراح، واعتبار هذا الفعل غير جائز شرعاً، للأسباب الآتية:

أولا: لما في هذا الفعل من تخويف وترويع وأذىً للمسلمين، فقد حدث كثيراً أن بعض هذه الطلقات أصابت بعض الناس عن طريق الخطأ فأدت إلى وفاتهم أو جرحهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) رواه أبو داود، وإذا تسبب إطلاق العيارات النارية بوفاة أحد الأشخاص فهو قاتل مستهتر ومستهين بأرواح الناس، وهو محرم شرعاً، فتجب عليه الدية، والكفارة وهي صوم شهرين متتابعين، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92]، وللقاضي أن يعزره بالعقوبات الرادعة له ولأمثاله.

وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن حمل السلاح مكشوفاً خشية أن يؤذي المسلمين عن طريق الخطأ، ونهى عن الإشارة بالسلاح إلى المسلم خشية أن تزل يده بنَزْغٍ من الشيطان الرجيم، فكيف بمن يستعمل السلاح فعلاً ويتسبب بأذى المسلمين؟! قال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا، أَوْ قَالَ: فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْءٌ) متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ) رواه مسلم.

ثانياً: جعلت الشريعة الإسلامية لولي الأمر صلاحية وضع القوانين التي تساهم في المحافظة على النظام العام، بما يكفل حفظ النفوس والأموال، وبما لا يتصادم مع نصوص الشريعة الغراء، ولذا منعت القوانين بشكل صريح إطلاق العيارات النارية من قبل غير المصرح لهم بذلك وجرمت من يفعل ذلك سواء في المناسبات أو غيرها.

ثالثاً: أن في إطلاق العيارات النارية إتلاف للمال بلا فائدة، وتبذير المال منهي عنه شرعاً، قال تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 27].

رابعاً: العتاد المستهلك في إطلاق العيارات النارية إنما صُنع للدفاع عن الدين والوطن والمواطنين، فهو عتاد حرب، فلا يجوز استعماله بهذه الطريقة العبثية البعيدة عما صنع السلاح من أجله، واستعمال النعمة في غير ما خلقت له هو من كفران النعمة.

وعليه؛ فلا يجوز إطلاق العيارات النارية ومخالفة تعليمات ولي الأمر، والتسبب في الضرر للآخرين وترويعهم، وإتلاف المال بغير وجه حق. والله تعالى أعلم.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير