نجاح في الترخيص وأزمة في السير بلا حلول
عمر كلاب
في اللحظة التي تقفز ادارة ترخيص المركبات الى مساحات العصرنة والحداثة وتقديم الخدمات على اعلى صورة, تقف ادارة السير على نقطة الازدحام الثابتة دون ادنى ابتكار او تحديث, فما زالت الشوارع مخطوفة من الحواجز والاصطفافات القاتلة, وما زالت المخارج مغلقة وترفع ضغط المواطن كل يوم, ومن يقف عند تقاطع الصناعة والتجارة او امام وزارة المالية في الشميساني يرى العجب العجاب, ومع ذلك لا افاق ولا حلول ولا حتى رجل سير يمنع انغلاق الشوارع بهذه الطريقة البائسة.
من السهل القول ان المواطن هو المسؤول عن هذه الازمة بسلوكياته الخاطئة, وهذا صحيح بالمناسبة, فثمة مسلكيات تفوق العجب من السائقين تحديدا في مناطق الالتفاف والدوران والمخارج, وثمة تسابق اناني مفرط, لكن هذا نتيجة وليست سببا, فما زالت ادارة السير وامانة عمان قاصرات عن ادارة المشهد, فلا ذكاء اصطناعي ولا ادارة بشرية حصيفة, وشكوى سكان العاصمة تتشابه مع شكاوى المحافظات الكبرى, والقصبات الرئيسة في المحافظات ذات التعداد السكاني الاقل, اي ان الازمة عامة, وليست مقرونة بموسم صيف او ظرف طقس شتوي, فإذا ارتفعت الحرارة وجدنا في زوار الصيف سببا, واذا جاء المطر تحججنا بالمياه.
نحتاج فعلا الى ادارة متخصصة, لدراسة الاسباب النفسية والفلسفية عند ادارة السير لكشف شيفرة اغلاق المخارج على نحو يرفع الضغط, ونحتاج الى قسم لدراسة واقع المطبات الغبية وفتحات الدوران المنتشرة, وقبل ذلك نحن بحاجة الى نظام ردع قانوني, يفضي الى قانون سير صارم ومخالفات تقسم الظهر, فهذه ليست جباية ولكنها خطوة لتأديب من ينفلت عقاله, فيكفي ان يكون هناك منفذ بيع لترى السلوك الاناني العام, من متجر كبير الى منفذ بيع صغير لمحلات القهوة المنتشرة على طول البلاد وعرضها.
قانون السير الحالي بائس, وادارة السير لا تمتلك رؤية لادارة المشهد, على عكس ادارة الترخيص التي تحقق كل يوم انجازات تُرفع لها القبعة, مما يؤكد اننا امام ازمة ادارة, فالدائرتان تتبعان الى نفس الجهة المقدرة, ولكن فلسفة الادارة مختلفة, والسير يحتاج الى فلسفة راقية وحلول مبتكرة والى نظام صارم, ورأينا دول الخليج العربي كيف نجحت من خلال قانون سير صارم بتحسين واقعها, وحتى الاردنيين الذين يقيمون هناك التزموا بل اكثر التزاما من غيرهم, بمعنى ان القانون قادر على تهذيب السائق, اكثر من التوعية التي نراها موسميا، او من خلال مشاهدة حافلة متوسطة لاطار غامض اسمه جمعية الحماية من حوادث الطرق, ويكفي ان تقرأ احصائية الحوادث لتعرف حجم التأثير والاثر للتوعية.