الاخبار العاجلة
خبراء واقتصاديون يشككون بقدرة الحكومات على تنفيذ الرؤية الاقتصادية

خبراء واقتصاديون يشككون بقدرة الحكومات على تنفيذ "الرؤية الاقتصادية"

عماد عبدالكريم

شكك خبراء واقتصاديون ورجال أعمال على قدرة الحكومات في تنفيذ وتطبيق مخرجات الرؤية الاقتصادية التي انبثقت عن اللجان والورشة الاقتصادية في الديوان الملكي منذ أسابيع.

وأكدوا خلال ندوة حوارية عقدتها مؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير حول مخرجات الورشة الاقتصادية - التحديات والفرص، والتي تولى إدارتها الأستاذ رامي العدوان، وشارك فيها عدد من الوزراء السابقين والنواب والاقتصاديين والأكاديميين، إضافة إلى أعضاء شاركوا في إعداد مخرجات الورشة الاقتصادية، أن البيروقراطية من اكثير العقبات التي ستحول دون تنفيذ وتحقيق الطموح الاقتصادي للفترة المقبلة.

ورغم تباين الآراء بين الحضور على تنفيذ وتحقيق الرؤية الاقتصادية، وانقسامهم بين مؤيد ومعارض، إلا أنهم أجمعوا على ضعف الاقتصاد الأردني وحاجته إلى سنوات حتى ينتعش، ويكون أكثر قوة ومتانه بسبب أحداث وظروف العالم من آثار جائحة كورونا إلى الحرب بين روسيا وأوكرانيا، إلى ارتفاع أسعار النفط، وتأثير هذا كله على نمو الاقتصاد الوطني، بل وتراجعه كونه اقتصاد يتأثر بأقل الأحداث عالمياً.

وأكدوا أن مخرجات الورشة الاقتصادية، تحتاج إلى تطبق عملي وخطط تنفيذية، إضافة إلى إيجاد حلول لكافة العقبات والتحديات التي تواجه الاقتصادي الأردني بحسب مخرجات الورش.

خارطة طريق 

 أكد النائب عمر العياصرة في بداية اللقاء على أهمية الحوار الذي تم في الورشة الاقتصادية، التي عقدت في الديوان الملكي، والتي تطرقت إلى كافة مناحي ومجالات الاقتصاد الأردني وكانت بمثابة خارطة طريق للإصلاح الاقتصادي.

وأشار إلى ان رعاية جلالة الملك، لهذا المشروع وهذه الرؤية والفلسفة، كانت واحد من الأشياء التي تعطيها دفعة وأهمية كبيرة، مشيرا إلى أن هذا لا يعني أنها لن تتعرض لانتكاسات أو صعوبات وتحديات أو تحتاج إلى روافع.

وأوضح أنه من واجبنا في مؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير، أن نأتي بذوات وخبرات محترمة وخبيرة بالشأن الاقتصادي والاقتصاد السياسي للحوار والنقاش حول هذا الموضوع.

انعكاسات إيجابية

و قال مدير الجلسة، وأحد الذين شاركوا فيه تلك الورشة الاقتصادية في الديوان الملكي، الدكتور رامي علون، ان هذه الورشة جاءت في وقت نحن فيه أمام واقع اقتصادي صعب، فالدين العام   وخدمة هذا الدين متصاعدة، إضافة لظرف عالمي قاسي وحروب وأزمات متتالية إضافة إلى البطالة وارتفاع الأسعار.

وبين أن جلالة الملك وضع في كتاب التكليف خطوط عريضة للرؤية الاقتصادية ومنها استعادة الصدارة في التعليم وزيادة قدرات القطاع العام وكفاءته، وزيادة ربحية القطاع الخاص وتنافسيته وازدهاره ومحاربة الفقر والبطالة والانطلاق نحو الريادة والابتكار.

وبين أن لسان حال الأردنيين يتسأل هل سيكون لهذه المخرجات من الورشة الاقتصادية والتوصيات المنبثقة عنها انعكاسات إيجابية على الواقع الاقتصادي؟، أم ستكون كغيرها مما سبق وستوضع (على الرف)؟.

وبين أن هناك خلطا وعدم فهم لكثير من مخرجات الورش الاقتصادية، إضافة إلى عدم الاهتمام أو اللامبالاة.

التطوير الحضري

وزير الإدارة المحلية السابق المهندس وليد المصري، أكد على أهمية المخرجات فيما يخص الورشات، التي كان فيها عدد من الخبراء وبمشاركة مميزة للقطاع الخاص، للاستماع لهم مع الحكومة وبالتالي التشبيك بين القطاعات المختلفة.

واضاف اننا بدأنا من تحديث المنظومة السياسية إلى إطلاق الرؤية الاقتصادية في ظل توجه حكومي لإصلاح اداري، وهذا يعد من الركائز الأساسية للانطلاق نحو المستقبل، وبالتالي لا تكون هناك أولوية معينة عن أخرى.

 وبين أن مشكلة الاقتصاد الأردني، أنه ورغم كل الظروف الدولية المحيطة، بحكم موقعنا الجيوسياسي في الفترة الأخيرة، إلا أن هذا الاقتصاد تأثر سلبا من آثار جائحة كورونا وحتى الحرب الاوكرانية -  الروسية.

وبين أن مشكلات الاقتصاد الأردني تتمثل في أن حجمه ليس كبيرا، وخلال العشر سنوات الماضية لم ينمو ذلك النمو الكبير، إذ بقي الناتج المحلي الإجمالي منذ سنوات يراوح نفس الأرقام، إضافة إلى أنه غير قادر على امتصاص البطالة وخلق فرص العمل.

وبين أنه لا استغناء عن القطاع الخاص، لأنه الوحيد الذي يكبر الاقتصاد، حيث أن القطاع العام ليس لدية إمكانية لتوسع وتكبير الاقتصاد، مشيرا إلى أن البيروقراطية تعيق كثير من أعمال ونشاطات القطاع الخاص وهذا شي موجود لا يمكن إنكاره.

واضاف أنه علينا اليوم وضع الخطط التنفيذية، لإنجاح تلك الرؤية، وهنا تبرز أهمية الخطط التنفيذية ومن يقوم بعملية التنفيذ وإيجاد العلاقة ما بين القطاع العام والخاص لتحقيق النهوض الاقتصادي.

النهوض الإداري

وقال الوزير الأسبق محمد الحلايقة، إن الورشة الاقتصادية ساهمت في طرح أفكار المشاركين في تحسين وتطوير ووضع خطة اقتصادية مستقبلية.

وأضاف نحن لا نعاني من نقص في الأدبيات والأوراق الاقتصادية، بل لدينا وفره منها وهي كثيرة  مبيناً ان تشخيص حالة الاقتصاد سهلة  والجميع يعرف حالته والتحديات والمعيقات التي تواجهه .

وأكد على أن المشكلة الأساسية هي شح أو نقص في التنفيذ، وهي تنزع الحجة عن الحكومة التي تغرق في تفاصيل العمل اليومي، وليس لديها وقت التفكير الاستراتيجي حيث أنه اليوم وضعت أمام الحكومة وثيقة واضحة شفافة وفيها اهداف للتحقيق.

وأوضح أننا نتساءل كما يتساءل المواطن، ما الذي سيجعل الوثيقة تنفذ؟ ولا تضم إلى شقيقاتها من الوثائق السابقة؟.

واستعرض الحلايقة أبرز العقبات التي يمكن أن تواجه الرؤية الاقتصادية وفي مقدمتها المتغيرات والمتحولات في المنطقة، خاصة في الحرب بين الدول والأزمات فيما بينها؛ لذلك تتغير الظروف بين الفترة والأخرى بسبب تأثر الأردن بالمتحولات الخارجية، فتتغير أولويات الحكومة للتعامل مع معطيات الأزمة الجديدة.

ومن التحديات الأخرى هي قدرة المؤسسة على استيعاب هذه الوثيقة وتنفيذها، مشيرا إلى أنه غير متفائل في هذا الجانب، وان الاصلاح الاداري للقطاع العام مهم جدا لبناء قدرة مؤسسية، إضافة إلى التحديات في القدرة البشرية سواء موظفي الصف الاول أو التغيير المستمر للحكومات.

وبين أن كثير من المخرجات الاقتصادية تحتاج إلى إعادة نظر في التشريعات أو تعديل او تغيير في التشريعات والتي لا بد من إقرارها.

واضاف أن بعض التفاصيل الواردة في الرؤية الاقتصادية (فوق الطموحة) خاصة في موضوع التمويل حيث أنها تحتاج إلى 4 مليارات دينار سنويا، ثلثها من الحكومة والباقي من مصادر أخرى، كاستثمار أو كتمويل وهذا سيشكل عائقا كبيرا أمام الحكومة.

وبين أن هناك بعض المخرجات جاءت دون الطموح، خاصة تلك المتعلقة في توفير مئة ألف فرصة عمل حيث كان البعض يعتقد أنها ستتوفر سنويا والصحيح أنها سوف تكون ضمن الفرص التي تتوفر سنويا من الحكومة وسيتم الإضافة لها لتصبح ١٠٠ ألف فرصة عمل.

وأوضح أن الرؤيا لم تتعرض لموضوع العبء الضريبي و إصلاح العبء الضريبي ومشاكلها من التهرب الضريبي، متسائلا ً كيف سيكون التحديث الاقتصادي بدون فتح ملف النظام الضريبي؟.

وأشار إلى أن الرؤية خلت وافتقرت إلى ادوات التنمية المحلية وهي البلديات والي تعبر اهم شي في أحداث التنمية والتعاونيات الزراعية.

الاستثمار

من جانبه أشار وزير الاستثمار الأسبق مهند شحادة، إلى أن الرؤيا اقترحت في مخرجاتها تمكين الزراعة وتطوير الأدوات الزراعية من خلال التعاونيات.

وبين أنه من المفروض أن نطلع على تفاصيل الوثيقة، وعلى حجم العمل والمشاركة التي تمت فيها.

وقال إنه شارك وعمل على رؤية 2025 وفي "حكومة هاني الملقي"، وفي خطة حكومة النهضة بحكومة "عمر الرزاز"، إضافة إلى التزامات حكومة "بشر الخصاونة"، وشراكتنا مع القطاع الخاص، مبينا أن هناك فرقا شاسعا وكبيرا بين ما عمل به سابقا وبين ما عمل به ضمن هذه الورشات الاقتصادية.

وبين أن الورش الاقتصادية مثلت القطاع الخاص وكان شريكا أساسيا في المخرجات من خلال تمثيله من أكثر من 500 شخصية اقتصادية، إضافة إلى الأكاديميين والمجتمعات المحلية، مشيرا إلى أن البنية التحتية لإنتاج الوثيقة الاقتصادية عمل بطريقة حديثة.

وبين أن الرؤية جمعت 17 قطاعا اقتصاديا، كما وعملت على جمع للقطاعات والتشريعات الناظمة لهذه القطاعات، مؤكدا أن السبب الرئيسي في وجود البيروقراطية هي تضارب التشريعات، فبنية الاستثمار الأردني هي أفقية، في حين أن بنية التشريع في الدولة عامودية وبالتالي لا بد من كل هذا الإشكال، فلا حل لأي مشكلة من غير نظرة شمولية للتشريع.

وتابع: كنا نتغنى بالنافذة الموحدة، ولكن للأسف لم نتمكن من تطبيقها لأنه في نهاية المطاف وزير البلديات يقول لا أستطيع تفويض صلاحياتي خاصة في قضايا الاستثمار.

قطاع النقل

وقالت وزيرة النقل السابقة لينا الشبيب، إن الرؤية يلزمها خطط تنفيذية مع كل الاحترام للجهد الذي بذل لهذه الرؤية.

واضافت كنت أرى أن الوزارات تكرر في كل مرة، وكل رؤية تطلق مخرجات لأي قطاع سواء بالأشغال أو النقل، مشيرة إلى إطلاق استراتيجية خاصة بالنقل طويلة الأمد تستمر للعام 2030.

وبينت أن علاج كثير من مشكلات قطاع النقل هي متشعبه وكل مشروع له مشكلاته سواء خط السكك الحديد والنقل عبر الشاحنات والخط الحجازي والكثير من المشاريع الأخرى.

وبينت أن القطاع الخاص هو أكثر القطاعات استثمارا في قطاع النقل باستثناء الطرق التي يتم عملها من خلال الحكومات، مشيرة إلى أن مشروع مثل استثمار المطار هو من المشاريع الناجحة والذي حقق عائد كبير للدولة ولا يمكن أن نكرره في مشاريع أخرى.

وأشارت إلى أن الاستثمار في قطاع النقل ليس سهلا، مشيرة الى أن مشروع مثل الباص السريع بعد تجهيز البنية التحتية له من الصعب إيجاد مستثمر له وحل كافة مشكلاته.

انسجام الرؤية مع مؤسسات دولية

قال الدكتور أنور الخفش، إنه لا يجوز أن يكون هناك التزام بهذا الشكل حيث انني طرحت وجهت نظري في وقت سابق بأن نطلق ميثاق وطني اقتصادي.

وبين أن الميثاق لا بد أن يطرح سياسات وادوات للرؤية الاقتصادية والاجتماعية السياسية في هذا البلد، أي أننا نقوم بتعزيز النظرة الاستراتيجية لمدركات المشاكل.

وقال إن يجب أن يكون هناك تفكير اقتصادي سليم ودارسة مستفيضة لحالة الاقتصاد الأردني، ولا بد من الذهاب إلى سياسات التثبيت الاقتصادي وفي النهاية السعي إلى النهوض.

 وقال إنه طرح العديد من الأسئلة على القائمين على الرؤية الاقتصادية، من حيث طرحها على مؤسسات التصنيف الدولي مثل USAD أو البنك الدولي وغيرها، معتبرا أنه لا يمكن ذلك، لأنها لا تتوافق مع المعايير الموجودة لديهم.

 أرقام غير صحيحة

 النائب عمر النبر قال إن الوثيقة الاقتصادية التي صدرت عن الورش الاقتصادية، احتوت ارقام غير صحيحة خاصة في قطاع السياحة والإيرادات التي يحققها القطاع، مما يشير إلى وجود أخطاء ومغالطات احتوتها تلك الوثيقة.

واضاف أننا نتمنى أن تكون الوثيقة بمثابة حلول لمشكلاتنا وتحدياتنا الاقتصادية، مقدرين للجهد الكبير الذي بذل ممن شاركوا في اعدادها.

مشيرا إلى أهمية أخرج منظومة التطوير الاداري للقطاع العام، كونه سيكون أساسيا في نجاح الرؤية الاقتصادية ويكون له مؤشرات أداء حقيقي.

وأشار لا بد من وجود خطط خماسية لحل كثير من المشكلات مثل الطاقة والنقل والمياه قبل هذه الوثيقة باعتبارها مشكلات قديمة كان لابد من حلها منذ وقت.

فرص العمل

من جانبه عبر حكيم ظاظا عن تفاؤله من الرؤية خاصة في ملف البطالة وإيجاد فرص العمل للشباب.

وأضاف أن عمل الحكومات يجب ان يتقاطع حتى لا نقع في البيروقراطية، وهذا يقودنا إلى الإشارة إلى أن المشكلات لدينا، لأننا نلوم الغير وسط حديث سلبي تشاؤمي.

الخدمات المالية

الإعلامية ليلى السيد عبرت عن تفاؤلها من مخرجات اللجنة والورش الاقتصادية، بوصفها  أحد المشاركين في أعمالها.

واضافت أنها تتمنى أن يكون التنفيذ على قدر الاعداد والمخرجات، معبرة عن أمنياتنا لنجاح كثير من المخرجات لأنها تمس واقع اقتصادي نسعى لتحسينه.

واكدت لا بد من حلول لكثير من القطاعات التجارية والنقل والأعمال المالية، مشيرة أن المواطن الأردني لا يمكنه الانتظار أكثر، ويريد أن يرى التغيير والتحديث بشكل أسرع.

تطوير التشريعات

من جهته قال رامي الطراونة أن مشكلتنا في تنفيذ الرؤية هي التشريعات التي يجب أن تسهل جلب التمويل لتنفيذ المخرجات.

وأشار إلى تجربة شخصية في جلب الاستثمار إلى الأردن، وضخ أموال كبيرة للاستثمار وفي النهاية لم يكتب لها النجاح حيث كانت التشريعات تعيق العمل والتقدم في العمل، مبينا أن البرامج والخطط تواجه التطبيق حيث أن التطبيق تحاربه الحكومات من خلال البيروقراطية المتجذرة.

انعدام الثقة

من جهته قال الدكتور معتز غنيمات نحن في زمن كثر فيه التنظير وقل فيه المنفذون، حيث يباع المواطن احلام ووهم فقط، الأمر الذي أوصل المواطن إلى انعدام الثقة باي إجراء أو خطط وبرامج حكومية إصلاحية.

 وأشار إلى أننا نحتاج لأشخاص ينفذون سياسات، معتبرا أننا اليوم نعيش احباط من كل المشكلات التي نعاني منها سواء في قطاع المياه أو النقل أو الزراعة وغيرها.


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).