البحث عن لقمة العيش في حاويات الزبالة

{title}
أخبار الأردن -

عصام قضماني

مدهش تصريح أمين عام حزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب عن الاستقرار ومفهومه وهو ما لا يمكن أن يتحقق والمواطن يبحث عن لقمه عيشه في حاويات الزبالة!.

تصريحات الدكتور ذياب حافلة بالدهشة ومغرية للتعليق، لكن سأكتفي بالتعليق على نقطتين منها.

لم يكن الدكتور أول من يلفت الانتباه إلى موضوع الفقر الذي يدفع الجائع للبحث عن لقمة العيش في حاويات الزبالة فقد سبقه كثيرون، والحقيقة أنني كنت طوال الفترة السابقة أبحث بتحقق في هذه الظاهرة وما وجدته كان أكثر دهشة من تصريحات ذياب وغيره.

الذين يبحثون في حاويات الزبالة بعد منتصف الليل وعند ساعات الفجر الأولى هم تجار خردوات وجامعوا علب البيبسي والكولا والبلاستيك الفارغة، وهم لمن لا يعرف تجار محترفون والجائع لا يذهب إلى حاويات الزبالة عند الفجر، ولماذا يفعل ذلك ام أن الجوع مرتبط باناء الليل فقط.

في دارة الصديق النائب خليل عطية بصحبة مجموعة من الكتاب، همس وزير المالية الدكتور محمد العسعس بسر لم نكن نعرفه وهو أن «الجمارك» لديها طريقة طريقة لاكتشاف المناطق الاكثر رواجاً في تسويق وبيع الدخان المهرب وهي البحث في حاويات الزبالة عن عبوات السجائر الفارغة ودراستها..!.. هل هم وتجار الخردوات، من أوهام ذياب وغيره؟!.

هناك فقر وهناك بطالة في الأردن وهي إلى زيادة، لكن ليس هناك جوع يدفع صاحبه للبحث عن كسرة خبز في حاويات الزبالة أو يستوقف المارة للحصول على طعام أو يسرق الخبز والسكر والأرز من سوبرماركت!.

أما الخصخصة التي يلجأ إلى انتقادها دائماً دعاة التاميم والاشتراكية وهي المدارس التي انتهت في عقر دارها فلها ما لها، وعليها ما عليها، فهي لم تكن نهباً ولا سرقة ولا بيع للمقدرات وإن كانت في بعض حالاتها شابها اخطاء في التنفيذ، لكن دعونا من تكرار الاسطوانة المشروخة عن النهب العام والفساد العام.

هناك فساد وهو لن ينتهي وهناك اخطاء وهي ستتكرر طالما هناك من يعمل لكن ذلك ليس مبررا لمنح البلد صفة عامة تشوه مرافقه ومؤسساته.

هناك ترهل إداري وهناك تراجع هذا صحيح، لكن ذلك ليس مبرراً للنيل من الإدارة العامة بل هو مدعاة لإصلاحها وتصويب العثرات فيها.

هناك فجوة بين ما يرغب المسؤول تحقيقه ويتحدث عنه، وبين ما يحدث على أروض الواقع، لكن هذا أيضاً مدعاة لتضييق الفجوة ببناء الثقة والعمل بواقعية..

هذا البلد يحتاج من ابنائه أن يشمروا عن سواعدهم وأن يؤمنوا به.

العامل في موقع البناء والموظف في موقع الخدمة والمسؤول وزيراً كان أم مديراً أم أميناً عاماً أو مديراً أن يعملوا كانهم باقون في مناصبهم أبدا وأن تركوا فليتركوا إرثاً طيباً للأجيال من بعدهم.

لم تكن لغة أنا وبعدي الطوفان في قاموس الإدارة الأردنية، لكنه التراخي والكلام الممل عن الفساد هو ما أدى إلى الفساد وشعار «وأنا مالي» والحسد التي حلت في محل الغيرة الايجابية.. كل هذا قاد إلى التراخي والأعمال لكن البلد ماضية قدماً حتى لو تراخى الجميع وحتى لو ظل الإخلاص والغيرة والحرص على الخدمة من أجل الخدمة تنقصهم.

هذا البلد محدود الموارد ما أن يفلت من أزمة حتى تداهمه اخرى وهكذا دواليك.. لكنه صامد لم يلحظ مواطنه، ولا ضيوفه أي نقص.. لم تتوقف الخدمات وبقيت السلع متوفرة والإمدادات في السوق مستمرة، لم يفقد أي منها من على أرفف المتاجر.. لم تتوقف أمانة عمان عن أعمال النظافة وكأن الناس يسمعون كل صباح هدير محركات عربات النظافة.. لم تنقطع الكهرباء ولم تقطع، لم تنقطع المياه ولم تقطع، وهي الشحيحة.. لم تنقطع الرواتب وكانت تصل إلى البنوك في مواعيدها دون تأخير والناس في بيوتهم جلوساً.

صمدت المستشفيات ولم يترك مواطن ولا ضيف بلا رعاية ولا علاج..

سيستمر الأردن في سياسة الانفتاح شاء من شاء وأبى من أبى، ولن ينغلق على نفسه وسيحتاج إلى التجديد وإعادة ترتيب الاوراق، في انتظار استتاب حالة اليقين وسيستأنف مشاريعه وكل أزمة تجعله أقوى..

العثرات موجودة وستبقى والاخطاء كثيرة والاخفاقات أكثر، لكن النجاحات أكبر من كل ذلك، وإن كان من دروس فهي المراجعة والوقوف على العثرات.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير