معَ الهاشميّةِ في أفراحِها
د. نواف العجارمة*
قفْ بالطّفيلةِ واشربْ كأسَها العَذِبا وانثرْ قصيدَك فوقَ العِيْصِ مُنتصِبا
واتلُ على السِّلْعِ آيــــــــاتٍ مرتلةً هذي شبابي وشيبي إنْ هُما انسكبـا
عفوًا لغيرِكِ ما هام الفؤادُ صَبًـــــا ولا لغيــــر هواكِ حنّ أو طَرِبــــــا
يا منشدَ الشّعرِ رتّلْ فيضَ أغنيتي واسْمِعْ حنايا فؤادي خاطرًا أدَبــــــا
هذي الطّفيلةُ في عينيْكَ أوســــمةٌ وشمٌ على القلبِ مخضوبًا ومختضِبا
فجر يضُوعُ على خديـكِ فارتقبي صُبــــحًا يلوحُ يزيلُ الغمَّ والسَّغَبــا
هذا المدادُ رضابُ الغيمِ أنشـــرُهُ نهرًا يفيضُ على ضانا وما نضَبــا
أ. د. خليل الرّفوع
نأتي إلى الطّفيلة والقلبُ يشرعُ أبوابَهُ، والرّوحُ تفتحُ نوافذَها، وهيَ المحافظةُ الهاشميّةُ كما سمّاها جلالةُ المغفورِ لهُ الملكُ الحسينُ، الهاشميّةُ في مواقفِها، في ثباتِها، في صبرِها، في حُلُمِها الغَضِّ الممتدِّ مِن أصولِ عراقتِها إلى ما شاءَ اللهُ مِن أزمنةٍ واعدةٍ تنامُ على أهدابِها.
أعراسُنا الوطنيّةُ كثيرةٌ، لكنَّها في الطّفيلة أحلى، لَكأنّي بِها ممزوجةً بشذا الهيلِ، متناغمةً معَ شَجْوِ المهابيشِ وهيَ تفتّتُ القهوةَ لِتجبرَ القلوبَ مِن حولِها، متوشِّحةً بألوانِ الفصولِ كلِّها، بادئةً بالثّلجِ على جبالكِ الشّمّاءِ، مُنتهيةً بسنابلِ القمحِ تحاكي سلاسلَ الذّهبِ وهيَ تفترشُ سهولَكِ.
وما كُنّا لنهنأَ بهذهِ الأعراسِ لولا تكافلُ أبناءِ الطّفيلة الشّرفاءِ مِن مختلفِ العشائرِ حولَ رايةِ الثّورةِ العربيّةِ الكبرى، والتفافِهم حولَ رايتِها، ليكونوا يدًا تُسهم في صناعةِ التّاريخِ وفي رسمِ المستقبلِ للدّولةِ الأردنيّة.
وفي الطّفيلةِ الملجأُ والمتّكأُ، فصورةُ الأميرِ زيدٍ بن الحسين، والملكِ عبدِ اللهِ الأوّلِ اللّذينِ جاءا إلى الطّفيلة مرارًا، وأقاما في بيوتِها، لا تزالُ شاهدًا على عمقِ ارتباطِ الهاشميّينَ بالمحافظةِ الهاشميّةِ، وقوّةِ التفافِ عشائرِ الطّفيلة حولَ هذهِ القيادةِ مِن فجرِ دولتِنا وحتّى لحظتِنا هذهِ. وقد تعمّقت هذهِ الصّورةُ بزيارةِ المغفورِ لهُ جلالةِ الحسينِ إلى الطّفيلة مُفتتِحًا المستشفى الحكوميّ عام ألفٍ وتسعمائةِ وواحدٍ وستّينَ، وأمضى فيها ليلتيْنِ في كنفِ الشّيخ صالح العوران.
وقد سار عبدُ اللّهِ على نهجِ أبيهِ وأجدادِهِ في حبّهِ العميقِ للطّفيلةِ ولأهلِها النّشامى الّذينَ ما انتظروا نداءً لِيُلبّوا، بلْ سبقوا النّداءَ فقادوا النّفيرَ.
نتعلّمُ من الطّفيلة الولاءَ والانتماءَ، ونأتيها طلبةً في مدرسةِ الوطنيّةِ الّتي أسّسَتْها من عقودٍ، لكنّنا أبينا إلّا أن نقاسمَها أفراحَها وأعراسَها، بما يضاعفُ البهجةَ في قلوبٍ أحبّتِ الأردنَّ وانتمَتْ لترابِهِ، وتفانَتْ في سبيلِ استقلالِهِ واستقرارِهِ، والتفَّتْ حولَ قيادتِهِ حصنًا منيعًا، يقاومُ ويقاومُ ويقاوم.
*أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية