قضية التحرش إلى المدعي العام

{title}
أخبار الأردن -

د. ليث نصراوين

تسارعت خلال الأيام الماضية وتيرة الأحداث المتعلقة بادعاءات الطلبة ضد أحد أعضاء هيئة التدريس في جامعة العلوم والتكنولوجيا، حيث جرى تقديم شكاوى خطية إلى إدارة الجامعة.

وفي مقابل ذلك، مارس عضو هيئة التدريس حقه الدستوري في تقديم شكواه إلى الجهات الأمنية والقضائية، متهماً الطلبة المدعين بمحاولة التشهير به وذمه وتحقيره، ومطالبا بالتعويض وفق أحكام القانون.

ومن جانب إدارة الجامعة، فقد صرح رئيسها بأنه قام بتشكيل لجنة تحقيق خاصة ستقدم توصياتها، ليحال الموضوع فيما بعد إلى المجلس التأديبي لأعضاء هيئة التدريس لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المشتكى عليه، والتي قد تصل إلى حد العزل من الجامعة كعقوبة تأديبية في حال ثبوت صحة الادعاءات المقدمة من الطلبة المشتكين.

إن طبيعة الشكاوى المنسوبة لعضو هيئة التدريس – على فرض ثبوتها–تنطوي على جرائم جزائية. وعليه، فإن الإجراء القانوني السليم يتمثل بقيام الجامعة المعنية بتحويل الملف بكامل محتوياته إلى الجهات القضائية المختصة لكي تباشر إجراءات التحقيق الجزائية. فالمادة (61) من نظام الهيئة التدريسية في جامعة العلوم والتكنولوجيا رقم (144) لسنة 2003 وتعديلاته تنص على أنه «إذا رأى رئيس الجامعة أو أي من المجلسين التأديبيين أو أي لجنة تقوم بالتحقيق في أي مخالفة تأديبية أن المخالفة التي يتم النظر أو التحقيق فيها تشكل جريمة جزائية، فيحال الرئيس القضية إلى المدعي العام المختص لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها، وتوقف الإجراءات التأديبية إلى حين صدور الحكم النهائي في القضية الجزائية».

إن إحالة ملف القضية إلى المدعي العام تتوافق مع أحكام المادة (102) من الدستور التي تنص على أن تمارس المحاكم النظامية حق القضاء على جميع الأشخاص في المواد المدنية والجزائية بما فيها الدعاوى التي تقيمها الحكومة أو تقام عليها. كما أن الإحالة إلى الجهات القضائية ستحقق فائدة لعضو هيئة التدريس المشتكى عليه تتمثل بضمان محاكمته والتحقيق معه من قبل قاضٍ طبيعي ومن جهة تحقيق تكفل له ضمانات المحاكمة العادلة، وفي مقدمتها قرينة البراءة التي كرسها الدستور الأردني في المادة (101/4) منه. فالقضاء هو الأقدر على وزن البينات المقدمة والاستماع إلى الشهود، واستخلاص النتائج من مجريات التحقيق، والتطبيق السليم لنصوص القانون.

ومن المبررات الجوهرية لسرعة إحالة ملف القضية إلى الادعاء العام أن البينات المقدمة في هذه الشكوى لها طبيعة خاصة تتمثل برسائل إلكترونية وتسجيلات صوتية قام مرسلها بتغيير الأصوات فيها، وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي يدعي المشتكون أنها لعضو هيئة التدريس المعني.

بالتالي، فإن التعامل مع هذه البينات الإلكترونية لغايات الإدانة أو التبرئة بحاجة لخبرة ومعرفة فنية لا تتوافر لدى أي من أعضاء لجنة التحقيق والمجلس التأديبي في الجامعة.

وما يعزز من الرأي القانوني بوجوب وقف الإجراءات الإدارية في الجامعة وإحالة الملف إلى القضاء، أن الجهات القضائية المختصة قد بدأت بالفعل إجراءات التحقيق في هذه القضية من منظور عضو هيئة التدريس، وأن الشكاوى التي تقدم بها ضد عدد كبير من الطلبة تتعلق بمزاعم التحرش التي تحقق بها الجامعة إداريا. فلكي تفصل المحكمة الجزائية في ادعاءات الذم والقدح والتحقير المنسوبة للطلبة عليها أن تقف على طبيعة هذه الادعاءات التي صدرت عنهم، وصحتها وما إذا كانت من قبيل الادعاءات الباطلة على المحاضر، أم أنها قد وقعت بالفعل.

إن على إدارة جامعة العلوم والتكنولوجيا أن تعي بأن الموضوع قد أصبح أمام القضاء، وأنه يفترض بها أن توقف إجراءات التحقيق لديها، وأن تحيل الملف برمته إلى المدعي العام. وسيثبت للجامعة الحق في اتخاذ الإجراءات التأديبية المناسبة بحق عضو هيئة التدريس في حال صدور الحكم في القضية الجزائية بعدم مسؤوليته أو تبرئته من التهمة الجزائية التي نسبت إليه، وذلك عملا بأحكام المادة (61/ب) من نظام الهيئة التدريسية في الجامعة المعنية.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير