وأفشلت محاولات التهريب عند الفجر
عبدالله الربيحات
في ختام عام 2021 ومطلع عام 2022 فُجع الأردنيون بخبر صدامات للقوات المسلحة الأردنية مع مليشيات مسلحة أفضت إلى ارتقاء شهيد وجرحى في صفوف الجيش الأردني، يومها نشرت وكالة الأنباء الأردنية بيان قواتنا المسلحة: “في تمام الساعة الرابعة من فجر اليوم الأحد، وعلى إحدى الواجهات الحدودية الشمالية الشرقية أطلقت مجموعة من المهربين النار على قوات حرس الحدود، فتم الرد بالمثل وتطبيق قواعد الاشتباك مما دفع المهربين إلى الفرار داخل العمق السوري”.
وأضاف المصدر: “الاشتباك أسفر عن استشهاد النقيب محمد ياسين موسى الخضيرات وإصابة ثلاثة أفراد تم إخلاؤهم إلى مستشفى الملك طلال العسكري ويجري متابعة حالتهم الصحية”، مبينا أنه “وبعد تفتيش المنطقة تم ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة وتحويلها إلى الجهات المختصة”.
توالت يومها الأخبار التي كشفت عن حجم العبء العظيم الذي يتصدى له أبناؤنا في الواجهة الشمالية أمام محاولات مافيات المخدرات التي تمددت بالمنطقة الجنوبية السورية، هذه العصابات التابعة لأجهزة دول كانت متواجدة منذ البداية ولكنها ضاعفت عملها وطورت أدواتها نتيجة التدفقات المالية الضخمة والعائدات من هذه التجارة القذرة، وأمام تراجع النفوذ الروسي نتيجة الحرب الأوكرانية بدأت مليشيات إيران وعلى رأسها حزب الله بتعبئة الفراغ المترتب لتقود عمليات التهريب الكبرى بالمنطقة، هذا الاندفاع المسعور من المليشيات الإيرانية دفع الجيش الأردني لإعلان حالة الطوارئ على امتداد الحدود المستهدفة وكان عنوان التغيير هو (العين الحمرا) وهي توجيهات جلالة الملك في لقاء رفاق السلاح على الساتر أثناء الدعم المباشر لهم بعد كشف المخطط الكبير الذي يستهدف الأردن ودول الجوار بدون استثناء.
نحن أمام معركة تستلزم قرارات بحجم الحدث فكانت الاستجابة بتغيير قواعد الاشتباك وكما هو معلوم للمتابعين فإن المنطقة الحرام على الحدود الأردنية السورية هي منطقة فاصلة ومنزوعة من القوات لا يوجد فيها أي تواجد من الطرفين وحسب قواعد الاشتباك التي يطبقها الأردن فإنه يمنع منعا باتا تحرك أي كائن حي داخل المنطقة الحرام”.
لم تصبر المليشيات إلا أياما لتكتشف مدى جدية القوات المسلحة الأردنية بقراراتها، وأمام دعم إيراني سخي، لا يخفي نفسه وبتواطؤ مع مجموعات يسميها الجيش الأردني بكل تهذيب (مجموعات غير منضبطة) وهي مجموعات الفرقة الرابعة تتقدم المليشيات لإنجاز إحدى عملياتها التي فتح عليها الجيش الأردني صباح يوم الخميس 27/1/2022 أبواب الجحيم وانتهت بصيد ثمين شمل مقتل سبعة وعشرين مجرما حيث تضمن بيان الجيش الأردني: “تم تطبيق قواعد الاشتباك مع المهربين الذين كانت تساندهم مجموعات أخرى مسلحة، مما أدى إلى مقتل 27 شخصا وإصابة عدد من المهربين وفرارهم إلى العمق السوري”.
تحترف ايران ومليشياتها تجارة المخدرات بكل أنواعها وتتخصص بالكبتاغون وهذا اسمه التجاري والمعروف شعبياً بأبو هلالين والألماني أو الشبح واسمه العلمي فينيثايلين وهو مادة كيميائية مُنشِّطة للجهاز العصبي يتحول إلى مادة مخدرة وادمان ينتهي بعوارض صحية قاتلة بالإضافة إلى كوارث اجتماعية واقتصادية مدمرة وتعود بداياته إلى ألمانيا في ستينيات القرن الماضي كدواء انتهى بالحظر بعد اكتشاف أبعاده وآثاره الخطيرة والمدمرة.
يقوم النظام الإيراني ومليشياته اليوم بتحويل مراكز تصنيع الأدوية ومعامل كيميائية إلى مراكز إنتاج كبرى تماما كما فعل في حلب مع أحد أكبر مراكز التصنيع الصيدلانية، وفي مناطق حماة ومحيط دمشق وريفها في الأحياء التي أخليت من السكان مثل الغوطة الشرقية حيث مكابس الكبتاغون، ويتحول ميناء اللاذقية ومحيطه إلى مركز عالمي لتجارة المخدرات حيث مصنع محيط مدرسة جو جمال والذي يبعد عن الميناء فقط مسافة 2 كيلو متر ونجد مصنع الشلفاطية شمال شرق الميناء ويبعد ما يقارب العشرة كيلومترات وعلى التوالي يمكن رصد مصنعي عين البيضاء ومصنع ريف جبلة بمعدل مسافة ثلاثين كيلومترا وبسرعة نقل ووصول من المصنع للميناء يقدر بعشرين دقيقة لأبعد شحنة، وكانت أكبر الشحنات المرسلة من الميناء إلى إيطاليا وتم ضبطها بقيمة مائة مليون دولار، وقد طورت المافيات من أدواتها لتشمل البر والبحر ومؤخراً الجو عبر الطائرات المسيرة بدون طيار، نحن نتكلم عن حرب متكاملة تستهدف نظامنا الاجتماعي والأمني والاقتصادي حرب على كل المستويات نقف فيها خلف قواتنا المسلحة بكل ما أوتينا من ثقة بأنهم الأقدر على الانتصار كما فعلوا دوماً أمام كل قوى الظلام على مرّ التاريخ.