رحيل شاعر عربي كبير
بقلم: الإعلامي محمد الوشاح
من مقر اتحاد الكتاب والأدباء العراقيين ودّع المحبون في بغداد الصديق الشاعر مظفّر النواب بتشييع مهيب عكس تاريخه النضالي الذي عُرف بمناهضته للأنظمة السياسيه وانتقاداته اللاذعة ، وكان جثمان الشاعر الذي فارق الحياة عن 88 عاما في الإمارات قد نقل بطائرة رئاسية إلى مطار بغداد ، حيث حمل حرس الشرف نعشه الذي كُلّل بالورود ، لينقل بموكب رسمي إلى مقر الاتحاد الذي يحوز الشاعر بعضويته ، وعند إدخال النعش إلى باحة الاتحاد قوبل بالهتافات وبترديد أبيات من قصائده وبزغاريد النساء ، فتجمّع المئات من نساء ورجال للمشاركة في الوداع الأخير للشاعر النواب .
تعرفّت على الشاعر مظفر خلال مقابلة صحفية في إمارة الشارقة ، فحدثني عن أسرته وعن رحلة عذاباته ، منذ نفي افراد عائلته من الهند الى بغداد لمقاومتهم الانجليز ، وفي العراق التحق بالحزب الشيوعي ودرس في جامعة بغداد وتعين مدرسا لكنه طرد لأسباب سياسية عام 1955 وظل عاطلا عن العمل لثلاث سنوات أمضاها في ضائقة مالية صعبة .
التحق بالحزب الشيوعي العراقي ، فتعرض للملاحقة والتعذيب مرات عديدة ، هرب الى ايران لينفذ منها الى روسيا ، لكن تم اعتقاله من قبل السافاك ، وتمت اعادته الى العراق ليصدر بحقه الحكم المؤبد .
روى لي قصة هروبه من السجن بحفر نفق فيه ، وبعد الهروب المثير من السجن توارى عن الأنظار في بغداد ، ثم انتقل الى الأهوار وعاش مع الفلاحين والبسطاء الى أن صدر عفو عنه ، ثم غادر الى بيروت ومنها الى دمشق ، وظل منفيا لأربعين عاما يتنقل بين العواصم العربية والاوروبيه حيث تعرض خلالها الى محاولات قتل عديدة .
خلال لقائي الأول معه في الشارقه والذي امتدح خلاله لغتي العربية ، تحدث كثيرا ونشرتُ بعضا من احاديثه ، قال لي إنه لولا استقبال حاكم الإمارة الحالي له الشيخ سلطان بن محمد القاسمي ، كان يفكر بالإستقرار في الأردن ، لمحبته للأسرة الهاشميه ولشخص المرحوم الملك الحسين ، وكذلك لوجود زملاء له أردنيين كانوا معه في الجامعه وفي الحزب ، ومنهم طلاب وحزبيون من مدينة السلط ، وسمّى لي على ما أذكر المرحوم البعثي غازي العزب ، كانت قصائد مظفر المشهورة والتي تزيد عن ستين قصيدة نارية ومثيرة للجدل لما تحويه من إثارة ضد الأنظمة السياسيه ، كما أن لغته الشعرية كانت قاسية لاستخدامه الالفاظ النابية التي أتحفظ عن نشرها ، ولربما قرأها الكثيرون كقصيدة القدس عروس عروبتكم.