مضر بدران.. رجل دولة بمسيرة عابرة للعواصف السياسية والأمنية
أخبار الأردن
رسم: ناصر الجعفري
كتابة: محمد الرنتيسي
يعد مضر بدران، واحدا ممن يُحسبون على “رجالات الدولة”، وهو الذي تقلد مناصب حساسة عدة، في مسيرته بالعمل العام التي امتدت عبر عقود، شهدت خلالها المملكة تحديات استثنائية.
ومن أبرز المناصب التي تولاها بدران المولود في جرش عام 1934، مستشار عدلي في القوات المسلحة، مدعي عام خزينة القوات المسلحة، مساعد مدير المخابرات للقسم الخارجي، مدير المخابرات العامة، وزير التربية والتعليم، رئيس للديوان الملكي، رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع، عضو مجلس الأعيان الأردني، رئيس الوزراء ووزير الدفاع، ورئيس اللجنة الملكية لبناء جامعات اليرموك والعلوم والتكنولوجيا والهاشمية التي تسلم منصب رئيس مجلس أمنائها.
ورغم أن مضر بدران الذي كان شكل 4 حكومات، يغيب عن المشهد العام والإعلام منذ أكثر من عقدين، إلا أن كتاب مذكراته الذي تم إشهاره قبل نحو عامين، أعاد اسم الرجل إلى المشهد، إذ يعتبر كثيرون أن الكتاب يعد “كنز معلومات”، لا سيما المثيرة ومنها والتي تنشر لأول مرة، في حين لا يمنع ذلك وجود انتقادات طالت حقيقة معلومات وأحداث وردت في الكتاب.
مضر بدران يعد أحد أهم رؤساء الوزراء في الأردن، من خلال محطتين رئيسيتين، الأولى أنه جاء في مرحلة الانفتاح البنيوي للمؤسسات، رغم أنه جاء من المؤسسة الأمنية المتمثلة بدائرة المخابرات العامة، إلا أن الرجل كان مؤسسيا بامتياز، بدليل أن كثير من مؤسساتنا الوطنية بنيت خلال الفترات التي تولى فيها رئاسة الحكومة، وعليه نستطيع القول إنه جاء في عاصفة كبيرة هي عاصفة الانفتاح البنيوي، وقد نجح في إدارة هذه “العاصفة” بحكمة وحنكة، فكان جزءا ومساهما فاعلا في بناء مؤسسات الدولة الأردنية.
أما المحطة الثانية، فتتمثل بأنه كان خيار الملك الحسين – رحمه الله- الأمثل، في البرلمان الحادي عشر، “برلمان 89” الذي جاء ما بعد هبة نيسان وعودة الحياة الحزبية، ووقف الأحكام العرفية، فكان الرجل الأمثل في التصدي لعاصفة القوى السياسية الممنوعة واليسار والقوى الإسلامية في ذلك البرلمان والتفريغ الانفعالي في تلك اللحظة، فكان قادرا على ذلك بوصفه رجلا صارما، بالإضافة لكونه رجلا أمنيا، وبالتالي استطاع أن يحتوي كل هذا الكم الكبير من النقد، وأن يستوعب كل ذاك الغضب في حينه.
لا بد من الإشارة أيضا، إلى أن مضر بدران في عهد حكومته الثانية، استطاع أن يحتوي الإسلاميين ويضمهم إلى حكومته من خلال 5 وزراء دفعة واحدة.
ولا ننسى كذلك، أن الرجل وفي موقعه الرسمي كرئيس للوزراء، عايش أزمة العراق، والمتمثلة بالدخول العراقي إلى الكويت في الثاني من آب (أغسطس) عام 1990، وما تبعها من الغزو الأميركي للعراق، واستطاع الرجل أن يكون جسرا ما بين القصر والشعب الأردني، في العلاقة مع الأزمة، فكان كعادته سياسيا متمرسا بارعا.
ويوصف بدران من قبل من عاصروه، بـ”الرجل الصارم” في تطبيق رؤية الدولة، خصوصا في مراحل العواصف السياسية والاقتصادية، والتحديات الأمنية، وقال عنه رئيس الديوان الملكي الأسبق، خالد الكركي، إنه “الرجل الصعب حين تشتد العتمة”.
وفي مسيرته، تعرض بدران بمطلع الثمانينيات لمحاولة اغتيال تزامنت مع فترة سوء العلاقات الأردنية السورية، وقال إن العملية كانت مكشوفة لدائرة المخابرات العامة في ذلك الوقت، وتم إلقاء القبض على فريق عملية الاغتيال، في إحدى الشقق بمنطقة صويلح، وانتهى الأمر بذلك.
معروف عن مضر بدران أنه لا يجامل ولا يجمل في آرائه ونصائحه، ويرى أن صراحته في التعامل مع جلالة الملك، “ليست مصلحتي في أن أكون كذلك، بل هي مصلحته هو، في أن أكون كذلك”.
ويؤمن بدران أن “النظام الملكي في الأردن، هو صمام أمان للأردنيين، وبغيره، ستكون نهاية هذه الدولة”، فالنظام السياسي الآمن والمستقر برأيه، “هو العلامة الفارقة الوحيدة التي تميزنا بين دول المنطقة”، في حين يحذر من أن “غياب استقرار النظام السياسي للأردن، يجعل الجميع على فوهة بركان، معرضين لزلازل، وقد تدهمنا نيران الفتنة وعدم الاستقرار”.