محمد الحموري.. “حارس الدستور” يترّجل بإرث لا يموت
أخبار الأردن
رسم: ناصر الجعفري - كتابة: محمد الرنتيسي
رغم أن الفقيد الدكتور محمد خليل الحموري، كان تقلد مناصب وزارية عدة، منها وزير الصناعة والتجارة والتموين، ووزير الثقافة والتراث القومي، ووزير التعليم العالي، إلا أن الأهم من ذلك كله هو حضوره كأحد أبرز الخبراء الدستوريين والقانونيين في الأردن.
فالحموري (أبو طارق) المولود في إربد عام 1940، ظل مرجعية للدولة وسياسييها ووسائل إعلامها وأبناء مهنة القانون، للأخذ برأيه ومشورته، إذ إن ما يطرحه الرجل بحكم خبرته الطويلة وكفاءته، يعد بمثابة “القول الفصل” عندما يلف الضباب أمرا ما (دستوري أو قانوني) ويحجب الرؤية فيه.
ومن بين أبرز ما يذكر للحموري وهو أحد مؤسسي الجامعة الأردنية، أنه كشف مخلفة دستورية ارتكبها مجلس الأمة عام 2014، عندما أقر مشروع قانون يعطي كل واحد من أعضائه أكمل خدمة 7 سنوات في الوظيفة العامة، راتباً تقاعدياً مدى العمر؛ محسوباً على أساس الراتب الأساسي الذي يتقاضاه الوزير العامل في الدولة.
وأبو طارق الذي يعد كذلك من أبرز مناوئي الصوت الواحد، كان اعتبر إجراء الانتخابات النيابية على أساس القائمة النسبية، هو مخالفة دستورية، ويرى أن قانون الصوت الواحد وتفتيت الدوائر الانتخابية أدى إلى إعادة العشائرية بأقوى صورها من ناحية، وخلخلة ثم فكفكة لحمة المجتمع المدني الذي بنته الدولة من ناحية أخرى، وإضعاف النمو الذي كان مأمولا للأحزاب السياسية من ناحية ثالثة.
وكان للحموري في سنوات خلت، وجهة نظر بارزة بشأن قانون الانتخاب الذي قال إنه ليكون عصريا، ينبغي أن يوفر للأردنيين جملة مسائل، منها الأخذ بنظام الدوائر الانتخابية الواسعة، والتخلص من فكرة الكوتات بأنواعها المختلفة.
بشكل عام، بقي الحموري حتى وفاته في 1 شباط (فبراير) 2022، صوتا ناصحا للالتزام بحكم الدستور والتنبيه لخطورة الخروج عليه، في العديد من المفاصل، وبدا كأنه “حارس الدستور والمؤتمن عليه”.
وللرجل أيضا، حضور سياسي متميز من خلال ما واظب على طرحه منذ عقود، وتجسد بكتب عدة ألفها أبرزها بعنوان “المتطلبات الدستورية والقانونية لإصلاح سياسي حقيقي”، و”الحريات الأسيرة بين استبداد الحكم واستغلال الدين – الأصول وطريق الخلاص”، و”الحقوق والحريات بين أهواء السياسة وموجبات الدستور”، فيما أسس بنهاية عام 2017، حزب الشراكة والإنقاذ الذي تولى منصب أمينه العام في حينها.
والحموري حاصل على بكالوريوس وماجستير في القانون من جامعة القاهرة، ودبلومية القانون المقارن جامعة كيمبردج بريطانيا، ودكتوراه في القانون من الجامعة ذاتها، ودبلومية المعهد القضائي الفيدرالي من واشنطن، هو زوج المرحومة الحاجة نجاح عودةالله الشناق، ووالد كل من وزير الصناعة والتجارة الأسبق الدكتور طارق، والدكتور قصي، والدكتور غيث، والمحامية رغد.
مثل الحموري، لا تتوقف مسيرته عند رحيله، فما تركه من إرث معرفي سواء كتب أو مقالات أو آراء، سيظل حيا وحاضرا في المشهد بوصفه مرجعية لا يمكن تجاوزها، مثلما لا يمكن تجاوزه كشخصية وطنية لها مكانتها واعتباريتها فيما مضى وفيما سيأتي.