أبو طير يكتب: تمهلوا قليلا قبل تعديلات الضمان

{title}
أخبار الأردن -

 

ماهر أبو طير


بدأت طبول الجدل في ملف الضمان الاجتماعي، فالكل يشخص الأزمة، والكل يطرح الحلول، ولا أحد يتحمل المسؤولية أصلا.
وفقا للدراسة الاكتوارية التي أجرتها مؤسسة الضمان الاجتماعي، فإن نقطة التعادل الأولى ستكون في العام 2030، حيث تتساوى الإيرادات التأمينية المباشرة من الاشتراكات مع النفقات التأمينية، مشيرة إلى أن ابتعاد نقطة التعادل الأولى زمنيا يعد مؤشرا إيجابيا على الاستقرار والاستدامة الأفضل للوضع المالي للمؤسسة.
 

هذا يعني أن الضمان بحاجة إلى إصلاح مالي، والاقتراحات تنهمر من كل مكان، من تغيير سن التقاعد المبكر، إلى تقاعد الشيخوخة، مرورا بتوسعة قاعدة المشتركين بالضمان لضمان تدفق الأموال، وغير ذلك من اقتراحات يراد عبرها تصحيح الوضع في الضمان.
لكن مهلا، لا أحد يحدثك عن التقاعد المبكر ومسؤولية الحكومات في الأردن بهذه الأزمة، حيث وصل عدد المتقاعدين بشكل مبكر إلى 60 % من المتقاعدين الجدد خلال العامين 2023 و2024، فيما بلغوا قرابة 50 % من إجمالي عدد المتقاعدين المشمولين بمؤسسة الضمان الاجتماعي حتى مطلع العام 2024، ولو عدنا إلى حالات التقاعد المبكر لوجدنا نسبة كبيرة منها تعود إلى الجهاز الحكومي الذي يريد تخفيف عبء الرواتب على الموازنة من خلال نقل العبء إلى الضمان الاجتماعي، إضافة إلى الحالات التي تقاعدت مبكرا بشكل طوعي، لكن المؤكد أن مشكلة التقاعد المبكر تقف خلفها جزئيا الحكومات المتتالية التي أسهمت بصنع هذه الأزمة في الضمان.
ثم يأتي الكلام عن تغيير أعمار التقاعد المبكر والشيخوخة، ولا أحد يتحدث عن حقوق الناس المكتسبة، وبأي حق يمكن تغييرها أصلا، خصوصا أن الضمان عملية قائمة على التعاقد بين طرفين، وهذا يعني أن تغيير الأعمار يعد إخلالا من الجهة التي تم التعاقد معها لتوفير الرواتب التقاعدية، وهذا يعني أيضا أسئلة كثيرة يتوجب الإجابة عنها، وعدم التهرب من كلفتها ومسؤوليتها النهائية.
الأمر الأخطر يتعلق بتقاعد الشيخوخة، فالذي يتقاعد وعمره ستون سنة ويراد اليوم رفع سن تقاعده إلى خمسة وستين أو سبعين، يتوجب تقديم ضمانات له أن الجهة المشغلة له سوف تحتفط به أصلا إلى هذا السن الجديد، فقد تتخلى عنه بسب كبر عمره، وهذا يعني أنه سيتوقف عن دفع أقساط الضمان، ويجد نفسه بلا تقاعد شيخوخة بعد تغيير العمر، وبلا عمل، وبلا قدرة على إيجاد فرصة بعمره حتى يصل سن الشيخوخة الجديد، وهذا يعني أن الأمر لو تم وفقا لما يتسرب سيجد كثيرون أنفسهم بلا عمل يمول الضمان بصيغته الجديدة، وبلا تقاعد، ومن دون اعتراف بحقوقه المتراكمة المكتسبة، وهذه النقطة ستبقى قائمة حتى لو جاءت التعديلات بشكل لا يشمل كل المشتركين، واختار عددا معينا من الاشتراكات لفرض التعديل عليه، في ظل مشاكل في فرص العمل، وتوفرها كممول للفرد وعائلته والتزاماته الضريبية والتقاعدية، وغير ذلك.
لا بد من التنبه لحساسية الحقوق المكتسبة، إضافة إلى وقف آلاف المخالفات لمن لا يدفعون أقساط الضمان وغير المسجلين أصلا، والتنبه لحالات التهرب الضريبي، وملف العمالة العربية والأجنبية، وملف العمالة الأردنية خارج الضريبة والرقابة، بدلا من التشاطر على المسجلين والملتزمين الذين لديهم حقوق مكتسبة قانونيا، ولا يطلبون صدقة من أحد، ولا مساعدة من التنمية الاجتماعية.
التغطي بحوار وطني أو نقاشات داخل البرلمان، أو بأي شرعية لا يلغي حقائق أسطع، أي حقوق المتعاقدين مع الضمان، وهذا يعني أن إصلاح الضمان بحاجة إلى حل جذري غير الحل الأسهل، أي جيوب المشتركين، بما يعنيه ذلك من وضع قد يكون سلبيا.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية