الحواتمة يكتب:النشامى لا يلعبون كرة… بل يصنعون تاريخ الأردن.

{title}
أخبار الأردن -

المهندس محمد العمران الحواتمة 

من يظن أن مباراة اليوم مجرد تسعين دقيقة على العشب، فهو بعيد جداً عن فهم الأردن، بعيد عن فهم النشامى، بعيد عن فهم معنى أن يكون للوطن نبض ينبض في كل قلب من أبنائه. هنا لا تلعب المباريات لمجرد التسلية، بل تُخاض كأنها امتحان هوية، اختبار وفاء، وميدان يظهر فيه صلابة الوطن وعظمته. من يراها مجرد مباراة، يراها وقتاً محدوداً ، أما الأردني فيراها امتداداً لتاريخ طويل من الانتصارات والتضحيات، وقراءة دقيقة لكل تحدٍ يواجهه وطنه. كل تمريرة، كل تصدي، كل هدف، ليس مجرد رقم في النتيجة، بل إعلان أن الأردن حاضر وأن من يظن أنه يمكنه التقليل منه مخطئ.

النشامى ليسوا فريقاً ولا تشكيلة مؤقتة ولا أسماء على أوراق . النشامى هم امتداد هذا الشعب الذي لم يولد مدللاً ولم يُمنح رفاهية ، لكنه تعلم أن يكون صلباً ، أن يقف مهما ضاق الطريق وأن يضغط مهما اشتدت الظروف . هم أبناء بيوت تربت على معنى الكرامة وأرض حملت أسماء أبطال دافعوا عنها بدمائهم وذاكرة شعبية لا تنسى من وقف ومن تراجع . من يظنهم لاعبين فقط، لم يعرف أن الأردن يقاس بالانتماء قبل المال ، وبالوفاء قبل النتائج وبالكرامة قبل البطولات .

وفي قلب هذا التاريخ الحي ، تقف القيادة الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين قائد يعرف أن الرياضة ليست مجرد لعبة، بل مرآة الوطن، وساحة تثبت للعالم أن الأردن حاضر وقوي وأن إرادته لا تُقهر. الملك يقود ليس من خلف المكاتب ، بل بيد تبني وعقل يفكر وقلب يعرف معنى كل دقيقة في حياة شعبه . هو حاضر سياسياً ، اقتصادياً ، اجتماعياً ، ورياضياً ، لأنه يعلم أن كل شيء مرتبط ببعضه وأن الازدهار لا يتحقق إلا بالأمن ، وأن الأمن لا يتحقق إلا بالوطنية وأن الوطنية لا تتجلى إلا عندما يكون الشعب كله واحداً . وبرفقة سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ، تتجسد قيادة تفهم نبض الشباب ، وتستثمر في قدراتهم وتعلم أن من يؤمن بأجياله ، لن يخسر الوطن أبداً .

الأردن قليل الموارد، نعم، وهذا واقع لا يمكن إنكاره، لكن من قال إن القوة تُقاس بما في البنوك أو تحت الأرض؟ الأردن غني بالرجال والنساء الذين صنعوا المجد بأيديهم، بالعرق والصبر وبالشجاعة التي لا تعرف المساومة. لذلك، حين ترى منتخباً يقاتل حتى آخر ثانية، لا تتعجب، فهذا ليس مجرد لاعبين، بل هو شعب كامل يُلعب باسمه، تاريخ كامل يُستعاد في كل دقيقة. النشامى يحملون على أكتافهم إرثاً يُفخر به ، ويكتبون فصوله في كل مباراة .

وخلف كل هذا ، يقف الجيش العربي المصطفوي، صمام الأمان وحارس الحدود والسماء. جيش لا ينام، لا يتردد، يراقب ويحمي، ويعرف أن الأردن لا يملك ترف الفوضى. ومعه أجهزتنا الأمنية، يقظة، صارمة، لا تتهاون، ولا تسمح لأي عابث أن يقترب من أمن الداخل. من يفكر بإزعاج الوطن، يُسقط قبل أن يلتقط أنفاسه. في الأردن، الاستقرار ليس شعاراً ، بل واقع يُحيا يومياً بتضحيات الرجال، ووعي الشعب، وانضباط القيادة.

أما الذين يحاولون التقليل من الأردن أو السخرية باسم النشامى، فنقول لهم بصوت واثق، لا بصراخ ضعيف: ارجعوا للتاريخ. اقرأوا الكتب، اسألوا الأجداد، لا الشاشات، عن أمة لم تبيع كرامتها، وعن شعب صمد عندما سقط غيره، وعن دولة حافظت على قرارها الحر رغم كل الضغوط. لا تفكروا أن الحداثة أو الأرقام تغير شيئاً ، فالكرامة الأردنية فوق كل حسابات والفخر الأردني لا يُقارن.

النشامى يدخلون الملعب اليوم، وهم لا يمثلون اتحاد كرة، ولا بطولة عابرة، بل يمثلون وطناً كاملاً : قيادة، جيشاً ، شعباً ، وتاريخاً حياً. كل خطوة لهم على العشب، كل تمريرة، كل تصدي، كل هدف، هو إعلان أن الأردن حاضر، وأن عزيمته لا تعرف الانكسار. ومن لا يفهم ذلك، فالمشكلة ليست مع النشامى، بل مع من لم يفهم معنى الوطن.

اللاعب الأردني لا يلعب لنفسه، بل يلعب باسم كل أب، كل أم، كل طفلٍ يرى في النشامى قدوة، وكل مواطن يعرف أن الوطن لا يُحمي إلا بالوفاء والانتماء. اليوم، الملعب ليس مجرد ملعب، هو ساحة عز، هو مكان تُختبر فيه الشخصية الأردنية، حيث تتحول كل كرة إلى رسالة، وكل هدف إلى بيان، وكل انتصار إلى صفحة جديدة في سجل التاريخ. النشامى لا يركضون لأجل الكأس فقط، بل يركضون لأجل الوطن، لأجل الكرامة، لأجل كل من يفتخر بأنه أردني.

لهذا، مباراة اليوم ليست مباراة… إنها اختبار هوية، درس في الانتماء، رسالة شجاعة، وإعلان كرامة. الأردن حاضر، النشامى صامدون، والتاريخ يكتب نفسه أمام أعين العالم وكل من يقلل منهم يخضع نفسه للدرس الأكبر: الأردن لا يقهر والنشامى يصنعون المجد دائماً ، بكل ضربة، بكل هدف، وبكل دقيقة على العشب.

النشامى ليسوا مجرد لاعبون، إنهم رمز الأمة، وقوة القيادة، وصدق الشعب، وصوت التاريخ، وإعلان حي لكل من يظن أن الكرامة يمكن أن تُشترى أو تُهان. وكل من يراقب اليوم المباراة، سيعرف أن هذه ليست كرة قدم… بل تاريخ يُصنع، وطن يُرفع، وكرامة تُثبت.

النشامى: لا يلعبون كرة… بل يصنعون تاريخ الأردن.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية