الرواشدة يكتب: الإنجاز يوحّدنا : شكراً أيها النشامى
حسين الرواشدة
يستطيع الأردنيون، سواء الذين أدركهم اليأس والإحباط من الواقع، أو الآخرون الذين قفزوا للبحث عن أي قضية خارج الحدود، للانشغال بها والمزاودة علينا باسهما، أن يلتقطوا رسالة فريقنا الوطني، هذا الذي لعب وهتف باسم الأردن، ورفع علم الأردن، واستبسل للفوز بالنيابة عن الأردنيين، بوسعهم، أيضا، إذا ما دققوا في هذا الإنجاز الرياضي، أن يتحرروا من كل المبررات التي جعلتهم غارقين بالشكوى والسلبية.
ما أنجزه الأردنيون في ملاعب الرياضة، يمكن أن ينجزوه في الاقتصاد والسياسة، وفي الفن والتعليم والصحة والإعلام والثقافة، وهم قادرون على ذلك ، تصور، 11 من اللاعبين النشامى، يشكلون منتخبنا الوطني (لاحظ أنه منتخب)، سجلوا لبلدنا ، فوزا ثمينا غير مسبوق ، تصور، أيضاً، هؤلاء الشباب الذين لعبوا بروح الفريق الواحد، أعادوا للأردنيين الثقة بأنفسهم، والاعتزاز بإمكانياتهم، وأيقظوا فيهم هويتهم الوطنية، تصور، ثالثاً، الشارع الذي خرج للاحتفال بهم، والآلاف الذين سافروا لتشجيعهم، والملايين الذين تابعوا أداءهم، كلهم توحدوا على قضية واحدة، وهي الأردن، الوطن الذي يجمع الأردنيين مهما اختلفوا حول أي قضية أخرى.
مثلما افتخر الأردنيون وتوحدوا حول إنجازات فريقهم الوطني بملاعب( الرياضة) يريدون أن يصحوا في الصباح ، كل صباح، ويرون إنجازات جديدة؛ مشروعات كبرى توظف الكفاءات وتحرك الإنتاج وتكسر حواجز البطالة ، مسؤولين يتحركون خارج الصندوق، تغيرات حقيقية في الثقافة التي تعودنا عليها، تكسر ما تراكم داخل اجيالنا من أساطير، أحزاباً منتجة تواجه الأسئلة الكبرى وتتناقش حولها وتجيب عليها، جامعات تخرج عن أسوارها العالية وتشتبك مع مجتمعاتها، مدارس تعيد إنتاج الهيبة للمعلم والوعي للتلاميذ.
يريد الأردنيون أكثر من ذلك؛ أن يعتمدوا على ذاتهم في كل شيء، في الماء والطاقة والغذاء، في التكنولوجيا والمعرفة والعلوم، يريدون ان تعود الكفاءات الأردنية التي هاجرت لتساهم في نهضة بلدها ، يريدون رؤية شاملة تنقلهم، كما حصل لغيرهم، من دائرة انتظار «مساعدة الأصدقاء» إلى دائرة الاعتماد على الذات والرضا الكامل والاكتفاء.
صحيح، بلدنا يتعرض في هذه المرحلة لأكثر من حصار، استحقاقات القادم تستوجب الالتفاف حول الدولة والدفاع عن صمودها ومنعتها، صحيح، أيضاً، الظروف المحيطة بنا، ناهيك عن تراكمات أخطاء الماضي، تجعلنا مقيدين أمام اختراق حواجز التنمية والفاعلية، صحيح، ثالثاً، ما حققناه من إنجازات وسط عالم عربي مدمر يستحق الاحترام، لكن مع ذلك كله، لا يوجد أمامنا أي فرصة لمواجهة الأخطار القادمة، وفتح قنوات الاتصال مع الداخل والخارج وحماية مصالحنا العليا، إلا بالمزيد من الإنجاز، والإنجاز .
حركة الإنجازات الحقيقية، لا إنجازات الأرقام والوعود والكلام المعسول، هي أقوى رد على الحاضر الذي نعاني منه ونشكو بسببه، وعلى المستقبل الذي نخشى من مفاجآته، هذه الإنجازات -إن حصلت - هي التي تتحدث باسمنا، وتدافع عن بلدنا، وتساعدنا على انتزاع الأدوار التي نحتاجها وتليق بنا، وتقنع الآخرين أننا شركاء، ومن حقنا أن نجلس على الطاولة في أي قضية تتعلق بمنطقتنا، الإنجاز، لا غيره، هو «السر» الذي جاء وقته الآن، وحضر أصحابه، تماما كما سجله النشامى في سباقات " كأس العرب" .

