الدباس يكتب : حلّ البرلمان وحزب جبهة العمل الإسلامي.. كلاهما معاً … هو الحل الأسلم!
الدكتور محمود عواد الدباس.
١/٣
بكل تأكيد، أو كما هو معلوم، فإن أزمة حزب جبهة العمل الإسلامي مع الدولة الأردنية، باعتبار الحزب واجهة سياسية لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة منذ نيسان الماضي، هي أزمة متراكمة. صحيح أن الأزمة لها أسباب داخلية، إلا أن الأسباب الخارجية هي جوهر الأزمة بينهما. مع الإشارة إلى أن هنالك مستويين اثنين للأسباب الخارجية، وهما المستوى العربي ثم المستوى الدولي. في المستوى العربي، قامت عدة دول عربية وازنة بحظر الجماعة منذ عدة سنوات، كما أن تلك الدول كانت تريد من الدولة الأردنية أن تقتدي بها. أما في المستوى الدولي، فجاء نتيجة القرار الأمريكي الأخير – قيد الدراسة لمدة ٤٥ يوماً منذ الرابع والعشرين من الشهر الماضي – والمتضمن اعتبار بعض فروع الجماعة في عدة دول عربية، منها الأردن، أنها ستدخل في تصنيفها كمنظمات إرهابية.
نتيجة لكل تلك التطورات المتتابعة عربياً ودولياً، يبدو أنه كلما سرنا يوماً إلى الأمام، فإن الخيارات السياسية تقل تدريجياً بما يخص مستقبل حزب جبهة العمل الإسلامي. مع التذكير هنا أنه قبل عدة شهور، كان بإمكان حزب جبهة العمل الإسلامي المسارعة إلى اتخاذ قرار استباقي بتغيير اسمه كأحد الخطوات نحو إعلانه التخلص العلني من بقايا علاقته مع جماعة الإخوان المحظورة منذ نيسان العام الحالي، كما أسلفت. أما اليوم، ومع اقتراب موعد إعلان القرار الأمريكي خلال العشرية الأولى من الشهر القادم بما يخص تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين وربما واجهاتها الكثيرة على بند الإرهاب في عدة دول عربية، فقد سمعنا مقترحات كثيرة تأتي في سياق خيارات التعامل السياسي مع القرار الأمريكي حال صدوره. سمعنا عن مقترح حل حزب جبهة العمل الإسلامي بقرار قضائي مع توزيع مقاعده على مستوى القائمة الوطنية على آخرين من الأحزاب السياسية، مع بقاء مجلس النواب مستمراً. في التعليق على هذا المقترح أجد أنها خطوة غير مقنعة شعبياً. أما أسباب ذلك فهي متعددة؛ أولها ضخامة حجم الأصوات التي حصل عليها الحزب في الانتخابات النيابية الأخيرة. مع التذكير هنا لمن لا يعلم أن الحزب يعبر، كما هو معلوم، عن مكون اجتماعي له اهتماماته السياسية. أما السبب الثاني فهو بروز نواب الحزب داخل البرلمان تشريعياً ورقابياً، وخاصة في مناقشة الثقة ثم في مناقشة الموازنة العامة للدولة لمرتين متتاليتين، على الرغم من حالة الإقصاء التي يتعرضون لها من الأغلبية النيابية. مع ذلك فقد تمكنوا من إشعال المجلس حركة وصخباً. في النتيجة، لقد أكسبهم كل ذلك شعبية عالية لدى قطاعات أوسع من القاعدة التي صوتت لهم.
٢/٣
في الرجوع إلى أحد عناوين السياسة الأردنية، وهو الذهاب دوماً نحو تقليل التداعيات التي تأتي من مخاطر خارجية، سواء كانت ذات مصدر عربي أو إقليمي أو دولي، نقول إن الحل الأسلم هو حلّ البرلمان، يسبق ذلك تعديل قانون الأحزاب حيث يُمنع وضع أي عبارة دينية في مسمى الحزب السياسي، وكذلك إجراء التعديلات الدستورية المطلوبة، وخاصة التي تخص تأخير إجراء الانتخابات القادمة بعد حل المجلس النيابي الحالي من أربعة شهور إلى اثني عشر شهراً. مع الإشارة هنا إلى أن هذا المقترح منشور في وسائل الإعلام. في الحقيقة، أنا أميل إلى هذا الرأي أكثر من مقترح حل الحزب مع الإبقاء على المجلس النيابي. أما فائدة ذلك المقترح فيما لو أصبح قراراً، فهي تأتي من إمكانية التخلص من الضغوطات الخارجية التي تخص وجود نواب جبهة العمل الإسلامي داخل البرلمان باعتبارهم واجهة سياسية للجماعة المحظورة. أما الفائدة الثانية فهي الذهاب نحو انتخابات جديدة تعكس حقيقة التحولات التي شهدها المجتمع الأردني منذ إجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
٣/٣
ختاماً، فإن مجريات الأمور نتيجة الضغوطات الخارجية تسير نحو حل البرلمان في أواخر نيسان من العام القادم 2026م، تليها انتخابات نيابية جديدة في نيسان من العام الذي يليه 2027م، مما يعني الدخول في مرحلة جديدة بما يخص الواقع الحزبي، من حيث غياب اليمين الديني عن المشهد الحزبي بشكل كامل، أو تقلص مساحته إلى ربع الواقع الحالي.

