العتوم يكتب: لغز دعوة بزشکیان.. إنذار استخباري أم استعدادًا للحرب المقبلة؟
تصريحات الرئيس الإيراني مسعود پزشکیان الأخيرة في محافظة "كهكيلويه وبويراحمد" لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل شكلت صدمة للوسط السياسي والاستخباري على حد سواء. دعوته المفاجئة إلى "إغلاق الدكاكين والاستعداد للحرب" تحمل وراءها إشارات دقيقة عن حالة النظام الإيراني الداخلية ومستوى التهديد الخارجي، خصوصًا مع احتمالات مواجهة إسرائيلية مباشرة. هذه الرسالة لم تكن موجهة فقط للجمهور، بل إلى النخبة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، مُظهرة مرحلة حرجة تتطلب استعدادًا استثنائيًا ومؤشّرًا على اختبار القدرة على الصمود تحت الضغط.
اللغز يكمن في مزج الرسائل الداخلية والخارجية. داخليًا؛ يبدو أن النظام يسعى لفحص مستوى الانضباط والطاعة لدى المواطنين والطبقات المتوسطة والتجار، وتحريك تضامن جماعي قد يخفي علامات الضعف النفسي والهشاشة الاجتماعية. خارجيًا، تحمل الدعوة رسالة ضمنية لإسرائيل وأميركا: إيران قادرة على التعبئة الشاملة، وأن أي محاولة اعتداء ستقابل بصمود اقتصادي ومعنوي كامل.
من زاوية أمنية استخباراتية، الدعوة غير المألوفة تكشف عن ما قد يكون تهديدًا محدقًا يتجاوز الصراعات التقليدية ، وربما تعكس وجود معلومات عن مخطط معقد يستهدف الأمن الايراني الداخلي برمته ،والدعوة الى إغلاق المحلات قد يكون جزءًا من خطة احترازية لإخلاء المناطق الحيوية، منع الفوضى، واختبار مدى استجابة المؤسسات المدنية والعسكرية تحت ضغط مزدوج: تهديد ومخطط خارجي إسرائيلي وأميركي، وهشاشة داخلية. بهذه الطريقة، يتحول الإجراء إلى اختبار أمني مباشر لقياس قدرة النظام على السيطرة والتنسيق في حالة مواجهة طارئة.
ويعزز هذا التحليل اعتراف عمدة طهران علي رضا زاكاني بهشاشة البنية التحتية والخطط الأمنية، وذكره بأن الاستخبارات الإسرائيلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكنها رصد 95٪ من عمليات الاستهداف بدقة . هذا الأمر يمنح خطاب بزشكيان بعدًا استخباراتيًا إضافيًا، فهو ليس تحذيرًا داخليًا فقط، بل اختبارًا عمليًا لقدرة النظام على إدارة الأزمات تحت مراقبة دقيقة ومخطط ربما يكون دوليًا قد يستهدف الداخل الايراني في أية لحظة مصيرية .
في نهاية المطاف، يظل لغز دعوة بزشكيان قائمًا بين الرمزية والتحرك العملي ؛فهي رسالة مزدوجة: للمواطنين للحشد والطاعة، وللمجتمع الدولي لإظهار أن إيران ليست مجرد قوة عسكرية، بل كيان قادر على التعبئة الشاملة، حتى في مواجهة أزمات متعددة الأبعاد. يصبح "إغلاق المحلات" إذًا أكثر من مجرد قرار اقتصادي أو شعبي، بل اختبارًا أمنيًا واستراتيجيًا للكشف عن قدرة النظام على الصمود في مرحلة حرجة مليئة بالغموض والمخاطر المعقدة غير المفهومة لغاية اللحظة .

