البراري يكتب: التحول الأبرز
حسن البراري
أخطر ما يشهده السلوك الاستراتيجي الإسرائيلي اليوم هو انتقاله من منطق الضربة الاستباقية إلى نموذج أخطر وأكثر انفلاتًا يتمثل بالضربة الوقائية.
فعلى العكس من الضربة الاستباقية تأتي كرد على ردع تهديد وشيك يمكن رصده، فإن الضربة الوقائية تستند إلى افتراضات واحتمالات ونوايا قد تقع أو لا تقع أصلًا. وأهم عنصر بها هو حرمان الخصم من امتلاك قدرات عسكرية تسمح له بتوجيه ضربة عسكرية. هذا التحول يعني أن إسرائيل باتت تتعامل مع محيطها بمنطق الحرب قبل الحرب ومع التهديد المحتمل بوصفه تهديدًا حاضرًا.
بهذا المعنى، تدخل إسرائيل في حالة حرب دائمة إذ تصبح كل قوة في محيطها “خطرًا محتملًا” وكل تطور قابلًا للضرب، وكل طرف مرشحًا للاستهداف حتى لو لم يكن في حالة اشتباك معها.
لا يخلق هذا التحول فقط بيئة إقليمية متفجرة بل يجعل من إسرائيل دولة تعيش على حافة السيف، تبرر العنف المسبق باسم الأمن، وتحول الاضطراب إلى سياسة رسمية، وتوسع هامش استخدامها للقوة خارج أي ضوابط سياسية أو قانونية.
بكلمة، الانتقال من الاستباق إلى الوقاية لا يعكس خوفًا من التهديدات بقدر ما يكشف فقدانًا لبوصلة استراتيجية ويحول الشرق الأوسط إلى فضاء مفتوح لعمليات لا نهاية لها.

