استهلاك
خالد الغرايبة
يغيب الانسان عن وطنه فترة من الزمان ليجد ان الكثير من الاشياء تغيرت لكن يبقى التذمر الثابت الوحيد لدى غالبية الناس وخصوصا عند الطبقة الوسطى. يتذمر الناس من ارتفاع الاسعار وزيادة الضرائب وكثرة المصاريف التي تثقل كاهلهم وتضيق عليهم حياتهم وفي نفس الوقت تجد ان معدلات الاستهلاك في ازدياد وتجد ان السلوك الاستهلاكي للناس يتركز على الرفاه اكثر من الاحتياجات الاساسية وهذا دليل على اختلال الموازين الاجتماعية وما تؤدي اليه من اختلالات اقتصادية في موازنة العائلة. خذ مثلا مسألة الاكل في المطاعم والجلوس في المقاهي واقتناء السيارات والتسوق في المراكز التجارية وغيرها من الظواهر التي لم تكن موجودة في مجتمعنا قبل اقل من ثلاثين سنة والتي لم تكن من ضمن اولويات المواطنين او سلوكهم.
ان التذمر الحاصل لدى غالبية فئات المجتمع ما هو الا مظهر من مظاهر الصراع الحاصل بين رغبات المواطنين في الحصول على منتجات الرأسمالية البراقة وبين امكانياتهم المحدودة مما شكل عبئا نفسيا وماديا عليهم وزاد من تعاستهم بدل ان يجعل حياتهم ايسر واجمل، ومما انعكس بالتالي على التغير الكبير في قيم المجتمع التي بات الاستهلاك ينافسها في الاستحواذ على نوازع الافراد.
لا بد من وقفة مع كل هذا تشترك فيها مؤسسات المجتمع المدني مع الواعين في الدولة لوقف نزيف الاستهلاك الذي فرضته الرأسمالية الغربية علينا والذي بات يهدد استقرار المجتمع وامنه.