الصبحيين يكتب: مفهوم "على بركة الله" في السياق الانتخابي
د. علي موسى الصبحيين
تبدأ القصة عندما ينشر أحد المرشحين على وسائل التواصل الاجتماعي ويعلن نيته الترشح للمجلس النيابي، أو البلدي ...، ويقوم بتصميم منشورات منمقة يضعها في ديباجة محكمة الترتيب (بناءً على رغبة الأهل والأصدقاء،...وبدوافع الخدمة العامة والمصلحة الوطنية ...) ويتم ترتيب أجمل العبارات لشحذ همم الأهل والأقارب والأصدقاء... فيجيب المواطن على "بركة الله" لهذا الإعلان أو المنشور، يا ترى ماذا كان في قصد ونية المواطن والناخب؟
تتفاوت دوافع الذين قالوا هذه الكلمات حسب متغيرات كثيرة قربهم من المرشح، علاقتهم به، وغيرها. كما تتفاوت نواياهم بقول هذه الكلمات فبعضهم يعني بها التوفيق والبركة، وبعضهم يعني بها هذا قرارك وأنت تعرف ما تريد، ولا تعني أي التزام مني، وآخر ينساق للتفكير والكتابة الجماعية السابقة التي وجدها أمامه، غير إن لبعضهم نوايا أخرى: مكايدة بآخر، أو استهزاء بنفس المرشح، أو ضياع فرصة على هذه القبيلة، أو...الخ. كما يقوم آخرون بدور أعلى درجة في التأييد بعرض منشور مؤيد للمرشح، ويحث الناخبين على مؤازرته لإثبات مزيد من الدعم. والبعض الآخر يكتب الذي لا يؤمن به أمام الناس والجمهور، ويتواصل سرًا بشكل خفي حاثًا المرشح على عدم الإقدام، والحذر من الترشح. لكن هل يتجرأ على النشر بما يؤمن أمام العامة؟ وهل يستجيب المرشح لصوته الذي أصبح نشازًا أمام هذا الكم الهائل من الإعجاب والتأييد؟
لكن هذا المفهوم في ذهن المرشح يعني شيء آخر يعني كم عدد من تفاعلوا مع المنشور، ماهي مجمل كلماتهم، هل كلهم قالوا على بركة الله، وبالتوفيق...؟، من الذي لم يعجبه المنشور؟ ويعرض على نفسه أفكار جميلة ويتوقع الأجمل وربما وصل به الخيال أكثر، وأصبح على مقربة من المجلس النيابي أو البلدي... عندها هذه التوقعات العالية لا تسمح له بالتفكير بواقعيه وبمنطق، فالحسابات لديه عن أعداد الناخبين في دائرته، ومحيطه كثيرة تؤهله للفوز، وبينه وبين الكرسي خطوة واحدة!! وإذا زاد الطين بله وكان المحيطين به من القريبين والمستفيدين “البطانة المستفيدة" فهم لهم أهدافهم كذلك ...يزينوا كل قبيح، ويجدون في كل عقبة إنجاز، ولديهم تفاؤل" يوديك للبحر وترجع عطشان"، ولا عجب فمصلحتهم في بقاء المرشح وهو يحتاجهم، ويسمع كلامهم وهم المخلصون في نظره، ولا يسمع من غيرهم، وهم يبذلون كل ما بوسعهم أمام الناس من تأييد ومدافعه عن المرشح. فهم يضخمون التوقعات، وينحازون بدرجة كبيرة لمرشحهم بعيدًا عن المنطق والحسابات المعقولة والصحيحة، ويُهولون بعض المسائل، ويصعبون أخرى ويعملون بشخصنة الأمور.
الخلاصة قد تكون هذه العبارات من وجهة نظر المعلقين تعني التشجيع بنوايا صادقة أو غير ذلك، وقد تعني المجاملة دون التزامات تجاه المرشح، وقد تكون بدافع عدم التحيز أمام الناس، غير أن المرشح يجب أن يكون على درجة عالية من الوعي، والحذر، وأن يكون واقعي ومسئول عن خطواته، ويتوقع النجاح كما يتوقع إن الفشل ممكن، وأن لا ينساق وراء الغوغاء من المؤيدين دون وعي.

