الكساسبة يكتب: جولة الملك الخارجية: استثمار في السياسة والاقتصاد لبناء شراكات تعزز النمو وفرص العمل في الأردن

{title}
أخبار الأردن -

 

د. حمد الكساسبة


تعكس الجولة الخارجية التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى اليابان وباكستان وعدد من الدول الآسيوية، بعدًا استراتيجيًا يتجاوز البعد البروتوكولي، لتشكّل خطوة جديدة في مسار توظيف العلاقات الدولية لخدمة المصالح الاقتصادية والتنموية للأردن. فالجولة تأتي في توقيت إقليمي حساس، وفي ظل تحديات اقتصادية عالمية معقدة، ما يمنحها طابعًا اقتصاديًا بامتياز إلى جانب بعدها السياسي التقليدي.

لقد أدرك الأردن مبكرًا أهمية الانفتاح على الشرق الآسيوي، إدراكًا أن هذه المنطقة تمثل أحد أهم محركات النمو في الاقتصاد العالمي، وأنها تشكل مصدرًا رئيسيًا للاستثمار والتكنولوجيا والشراكات طويلة الأمد. لذلك فإن تعزيز العلاقات مع اليابان وباكستان ودول آسيوية أخرى لا يُعد مجرد تحرك دبلوماسي، بل هو استثمار في المستقبل، يستند إلى تاريخ طويل من التعاون الثنائي والدعم التنموي المتبادل.

من الناحية الاقتصادية، تفتح هذه الجولة الباب أمام جذب استثمارات مباشرة في قطاعات استراتيجية تشمل الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والصناعة، والبنية التحتية، وهي قطاعات تشكّل ركيزة أساسية في رؤية التحديث الاقتصادي التي تسعى إلى رفع معدلات النمو وخلق فرص عمل نوعية للشباب الأردني. كما تسعى الجولة إلى بناء جسور جديدة مع شركات كبرى في اليابان وباكستان يمكن أن تكون شريكًا رئيسيًا في مشروعات النقل، والمياه، والتعليم، والرقمنة.

وعلى الصعيد السياسي، تؤكد هذه الجولة المكانة المتوازنة للأردن في سياسته الخارجية، وقدرته على التحرك بثقة بين الشرق والغرب، مستثمرًا في رصيده الدولي الكبير ومصداقية قيادته في الدعوة إلى السلام والاستقرار الإقليمي. فالأردن، الذي يقع في قلب منطقة مضطربة، يبرهن مرة أخرى على أن سياسته الخارجية المتوازنة هي أحد أعمدة استقراره الداخلي وجاذبيته الاقتصادية في آن واحد.

إن جلالة الملك لا يكتفي بإدارة السياسة الخارجية من منظور دبلوماسي، بل يوجّهها نحو تحقيق نتائج ملموسة على الأرض، من خلال تحويل العلاقات السياسية إلى شراكات اقتصادية واستثمارية. وهذه المقاربة تشكل جوهر السياسة الأردنية الحديثة، التي تسعى إلى تمكين الاقتصاد الوطني من خلال الدبلوماسية الاقتصادية، وربط الرؤية السياسية بالمردود التنموي.

كما أن الجولة تحمل رسالة ثقة إلى الداخل الأردني، مفادها أن الدولة تتحرك بخطى ثابتة لاستقطاب استثمارات نوعية وتحسين بيئة الأعمال، بما يعزز قدرة الاقتصاد على النمو الذاتي وتقليل الاعتماد على المساعدات. وهي أيضًا رسالة إلى الخارج بأن الأردن دولة مستقرة، آمنة، منفتحة، وجاهزة لاستقبال المستثمرين الجادين.

وفي المحصلة، فإن هذه الجولة ليست مجرد زيارة رسمية، بل هي استثمار استراتيجي في المكانة الأردنية على الساحة الدولية. إنها ترجمة عملية لفكرة أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، وأن بناء الشراكات مع الشرق الآسيوي يمكن أن يشكّل أحد محركات التحول الاقتصادي في المرحلة المقبلة، بما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة. فهي باختصار، جولة تبعث على الثقة، وتعزز الأمل، وتؤكد أن الأردن بقيادته الهاشمية يسير بثبات نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.

 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية