حلا الديري تكتب: تنكة الزيت و"بوس الواوا".. حين صار الزيت رفاهية والموسيقى ضرورة وطنية
حلا الديري
أقام الناس الدنيا ولم يقعدوها بسبب غلاء "تنكة الزيت"، فصارت حديث المقاهي و"الواتساب" ونشرات الأخبار. الكل يشتكي من الغلاء، والكل غاضب من الأسعار. لكن في الوقت نفسه، امتلأت مقاعد حفل "بوس الواوا" بجمهورٍ لا بأس به، بعضهم دفع مئات الدنانير لحضور أمسية غنائية، وكأننا في بلدٍ لا يعرف الأزمات.
يمكن صار الزيت "رفاهية"، والموسيقى "ضرورة وطنية".
مشهدٌ يعكس مفارقة مؤلمة: ناس تحسب الليرات قبل شراء لتر زيت، وناس تدفع مئاتها لتغني مع هيفاء وهبي في الصفوف الأمامية.
نحن لسنا ضد الفرح، فالحياة تحتاج جرعة موسيقى لتبقى محتملة.
لكننا ضد التناقض الذي يجعل صوت "الواوا" أعلى من صوت الفقر.
ضد واقعٍ يتجاهل معاناة الناس باسم الترفيه، وكأن الضحك الجماعي ينسي الجوع الفردي.
في هذا البلد، صارت "تنكة الزيت" رمزاً للضيق، و"حفلات الواوا" رمزاً للنسيان. بينهما يقف المواطن حائراً: لا هو قادر يفرح عن قناعة، ولا يشتكي من غير خجل.
المشكلة ليست في الغناء، بل في الأولويات. حين يصبح الفقر خبراً عابراً، والترف عنواناً للحياة، فاعلم أن المعادلة انقلبت، وأننا بتنا نعيش في زمنٍ يختلط فيه وجع الجيوب بنغمة الواوا

