باحث اقتصادي يحذر من 12 سياسة إفقار تستنزف دخل المواطن

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الباحث الاقتصادي جواد مصطفى إن هناك اثنتي عشرة سياسة اقتصادية وإدارية متجذّرة في الأردن أسهمت في تفاقم مظاهر الإفقار وتآكل الطبقة الوسطى، مضيفًا أن معالجة هذه السياسات باتت شرطًا أساسيًا لإطلاق تنمية حقيقية ومستدامة.

وبيّن مصطفى في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن أولى هذه السياسات تتمثل في غياب خدمات النقل المدرسي في التعليم الحكومي، ما يضطر الأسر لتسجيل أبنائها في مدارس خاصة فقط لتأمين وسيلة مواصلات آمنة، الأمر الذي يستهلك جزءًا كبيرًا من دخلها الشهري.

وأشار إلى أن ثاني السياسات هي تقصير البلديات في إنشاء المدارس والمراكز الصحية الحكومية الكافية، إذ لا تُلزم بتخصيص أراضٍ أو مرافق تعليمية وصحية ضمن مسؤولياتها الخدمية، رغم قدرتها على تمويلها من خلال الضرائب والرسوم التي تجبيها من المواطنين.

وذكر أن غياب سياسة وطنية لتخصيص أراضٍ للسكن والعمل بنظام حق الانتفاع بأسعار رمزية يُعدّ من أبرز أسباب الإفقار، إذ يخشى صانع القرار من تراجع أسعار الأراضي والإيجارات، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، حيث ينفق المواطن ثلثي دخله على الإيجار أو أقساط السكن.

وتابع الباحث أن سياسة إغراق سوق العمل بالعمالة الوافدة الرخيصة شكّلت عامل ضغط على فرص الأردنيين في سوق العمل، مشيرًا إلى أن هذه السياسة استُخدمت أحيانًا لتوسيع قاعدة الجباية على حساب العدالة في التشغيل.

ونوّه مصطفى إلى أن سياسة تسعير الطاقة الكهربائية والمشتقات النفطية بأضعاف أسعارها في دول الجوار أضعفت القدرة الشرائية للأفراد وقلّصت القدرة التنافسية للقطاعات الإنتاجية، معتبرًا أن العدالة في تسعير الطاقة شرطٌ أساسي للنمو الاقتصادي.

ولفت إلى أن ضعف الخدمات الصحية الحكومية وعدم كفاية المرافق الطبية يشكلان مظهرًا آخر من مظاهر الإفقار غير المباشر، إذ يُجبر المواطن على التوجّه للقطاع الخاص وتحمل أعباء مالية إضافية.

وأردف مصطفى أن الامتيازات الاحتكارية الممنوحة للبنوك وغياب بدائل التمويل الصغير والمتوسط حدّا من فرص المشروعات الصغيرة في النمو، في ظل اقتصار التمويل على الرهن العقاري دون تنويع أدوات الضمان مثل التمويل بالمشاركة أو بضمان البضائع.
وأشار إلى أن عدم وجود سوق مالي للشركات ذات المسؤولية المحدودة أجبرها على اللجوء إلى الاقتراض، بدل الحصول على التمويل من خلال أدوات سوق المال.

ونبّه مصطفى إلى أن غياب بنك للفقراء أو مؤسسات تمويل اجتماعي دون ضمانات يعرقل تمكين الفئات محدودة الدخل من الدخول في مشاريع إنتاجية، ما يبقيها أسيرة الاعتماد على الوظيفة أو المساعدات.

وتحدّث عن السياسة النقدية المتشددة برفع أسعار الفائدة في ظل الركود، مبينًا أنها تؤدي إلى سحب السيولة من السوق وتحويلها إلى ودائع جامدة، في الوقت الذي تحتاج فيه القطاعات الإنتاجية إلى التمويل لتحريك عجلة الاقتصاد.

كما أوضح مصطفى أن الاعتماد على الاقتراض والضرائب لتغطية النفقات الجارية بدل ضبط الإنفاق وتوجيه القروض نحو المشاريع الإنتاجية زاد من المديونية وأضعف قدرة الدولة على تحقيق التوازن المالي.

واستطرد أن غياب نظام نقل عام فعّال ومنخفض التكلفة بين الأحياء والمدن أجبر المواطنين على امتلاك سيارات خاصة، ما فاقم الأعباء المالية ورفع تكاليف المعيشة.
وقال إن سياسات التجارة الخارجية غير المدروسة فتحت السوق الأردني على مصراعيه أمام السلع الأجنبية دون حماية كافية للصناعة الوطنية، ما أدى إلى تراجع العديد من القطاعات الإنتاجية المحلية.

وأكد مصطفى ضرورة اجتثاث هذه السياسات الاثنتي عشرة، فهي تمثل نقطة البداية لأي إصلاح اقتصادي حقيقي، مشددًا على أن التنمية لا تتحقق إلا حين يُعاد الاعتبار للعدالة الاجتماعية، ويُعاد توجيه السياسات العامة نحو تمكين المواطن لا إثقاله.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية