إلى أين نتجه؟.. السيناريوهات المتوقعة للأردن والمنطقة

{title}
أخبار الأردن -

 

موفق المغربي

تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات استراتيجية عميقة مع تصاعد مشاريع الاحتلال الإسرائيلي، التي لم تعد محصورة في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، بل تجاوزته لتصبح جزءًا من مشروع أشمل يُعرف تاريخيًا برؤية "إسرائيل الكبرى". هذه الرؤية تستند إلى مبدأ فرض السيطرة من النيل إلى الفرات، عبر الاستيطان والتوسع التدريجي وتفكيك الدول المحيطة، مع خوض صراع مفتوح مع إيران وحلفائها.

المواجهة مع إيران ومحور المقاومة

إسرائيل تعتبر أن إيران هي التهديد الأكبر لمشروعها الاستراتيجي. الحرب الأخيرة بين الجانبين، وما رافقها من ضربات متبادلة في الخليج وسوريا والعراق، فتحت الباب أمام صراع ممتد لا تقتصر تداعياته على الجبهة العسكرية، بل تشمل الاقتصاد والطاقة والملاحة البحرية. وفي هذا السياق، يُعد حزب الله في لبنان الذراع الأخطر لإيران، حيث يبقى على تماس مباشر مع العمق الإسرائيلي ويشكّل معضلة لأي مشروع توسعي شمالًا.

سوريا بدورها تمثل ساحة اشتباك مستمرة، إذ تكثّف إسرائيل غاراتها على مواقع إيرانية هناك، بهدف منع تمركز عسكري طويل الأمد يهدد أمنها. أما في غزة، فإن العمليات العسكرية المتواصلة تسعى لتفكيك بنية حماس وإجبار السكان على الهجرة، في إطار إستراتيجية "إعادة تشكيل الجغرافيا الديموغرافية" لصالح الاحتلال.

الأردن ومشروع الوطن البديل

الأردن حاضر في الخطاب السياسي الإسرائيلي كخيار استراتيجي لاحتواء القضية الفلسطينية. بعض أوساط اليمين الإسرائيلي ترى أن الضفة الغربية يجب أن تُفرغ تدريجيًا من ثقلها الديموغرافي، وأن يصبح الأردن موطنًا للفلسطينيين، سواء عبر التهجير الناعم أو الضغوط الاقتصادية. كما أن مشاريع الربط الإقليمي، من خطوط الغاز والمياه إلى الممرات البرية والسكك الحديدية، تمثل أدوات للهيمنة الإسرائيلية الناعمة على القرار الأردني وربطه ببنية اقتصادية تابعة للاحتلال.

مصر بين سيناء والغاز

رغم مكانتها الإقليمية، تواجه مصر تحديات اقتصادية تجعلها أكثر انكشافًا أمام الضغوط. إسرائيل تستثمر هذه الظروف لتعزيز شراكات في مجال الغاز شرق المتوسط، بما يضع القاهرة في موقع الشريك المضطر. وفي الرؤية الأيديولوجية الإسرائيلية، تبقى سيناء منطقة حيوية كـ"حزام أمني" عازل، بينما تذهب بعض خرائط "إسرائيل الكبرى" إلى اعتبارها جزءًا من نطاق النفوذ المستقبلي.

لبنان وسوريا: خاصرتان استراتيجيتان

في لبنان، يبقى الجنوب عقدة أساسية لأي مشروع إسرائيلي، فالوجود العسكري لحزب الله يجعل من الحدود الشمالية ساحة تهديد دائم. أي توسع إسرائيلي لا يمكن أن يستقر دون تحييد هذا الخطر أو الدخول في مواجهة مباشرة معه. أما في سوريا، فإن استمرار تفكك الدولة المركزية منذ عام 2011 يوفر فرصة ذهبية لإسرائيل لدعم سيناريو التقسيم الطائفي والإثني، بما يضمن غياب دولة سورية قوية في المستقبل القريب.

السيناريوهات المحتملة

أمام هذه التطورات، يطرح محللون رصدت آراءهم صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية سيناريوهات محتملة لمستقبل المنطقة:

1. التوسع التدريجي: استمرار الاستيطان وتفتيت الضفة، مع تعزيز السيطرة على غزة والأردن عبر أدوات الضغط الاقتصادي والسياسي.

2. الصراع الإقليمي المفتوح: مواجهة شاملة بين إسرائيل وإيران عبر ساحات متعددة، تشمل لبنان وسوريا والعراق، مع تهديد الملاحة والطاقة في الخليج والبحر الأحمر.

3. التسويات الكبرى: دفع الولايات المتحدة نحو تسوية إقليمية تشمل تطبيعًا مع السعودية وتأسيس كيان فلسطيني منزوع السيادة، يضمن بقاء الهيمنة الإسرائيلية.

4. الانفجار الداخلي الإسرائيلي: تصاعد التناقضات بين اليمين المتطرف والتيارات الليبرالية داخل إسرائيل، مع تفاقم الأزمة الديموغرافية بين اليهود والفلسطينيين داخل الخط الأخضر، ما يهدد استقرار المشروع التوسعي.

في المحصلة لم تعد رؤية "إسرائيل الكبرى" مجرد فكرة أيديولوجية، بل تتحرك عمليًا عبر الاستيطان، والحرب المفتوحة مع إيران، واستثمار أزمات الدول المحيطة.

ومع ذلك، يواجه المشروع تحديات كبيرة، أبرزها صمود محور المقاومة، الضغوط الدولية المتصاعدة، وإمكانية تفجر الداخل الإسرائيلي.

المنطقة إذن مقبلة على مرحلة مفصلية، إما تُكرّس فيها إسرائيل واقعًا استعماريًا جديدًا، أو تنشأ موازين قوى إقليمية ودولية تحد من قدرتها على فرض مشروعها التوسعي.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية