استراتيجية "الأرض المحروقة" التي يمارسها نتنياهو... الحوارات يوضح
قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات إن هناك مفارقة صارخة حول سلوك نتنياهو في إدارة الحرب على غزة؛ فمن جهة يحرص على إظهار نفسه وكأنه منخرط في مفاوضات جدّية للإفراج عن الأسرى، ومن جهة أخرى يضع شروطًا تعجيزية لا يمكن لأي طرف سياسي – سواء كان حماس أو غيرها – القبول بها، إذ تتضمن هذه الشروط تسليم جميع الأسرى، ونزع سلاح المقاومة، وتغييب وجودها السياسي كليًا، وفرض نظام حكم تابع لإسرائيل في غزة، مع استمرار الإجراءات الأمنية الإسرائيلية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن قبول حماس بمثل هذه الشروط يعني استسلامًا كاملًا، وهو ما لا يمكن أن يحدث في هذه المرحلة.
وبيّن الحوارات أن نتنياهو لا يهدف فعليًا إلى إتمام صفقة الأسرى، وإنما يسعى إلى استثمارها كورقة تمكّنه من إطالة أمد الحرب وتوسيع نطاق عدوانه، مضيفًا أن إدراكه المسبق بأن حماس سترفض تلك الشروط يمنحه الذريعة للانتقال إلى مرحلة عسكرية أشد قسوة، تهدف إلى تدمير مدينة غزة وما تبقى من البنية العمرانية التي لم تُمحَ بعد، بما يعمّق بيئة الطرد والتهجير القسري ويدفع الغزيين إلى خيار وحيد، ألا وهو الرحيل.
ونوّه إلى أن الغاية الاستراتيجية تمتد لتطال الضفة الغربية أيضًا، ففي الوقت الذي يسعى فيه الاحتلال إلى إخضاع غزة لسياق أمني وسياسي تتحكم فيه إسرائيل بالكامل، يتابع نتنياهو خطوات متوازية في الضفة الغربية عبر مشاريع استيطانية ضخمة – من بينها مستوطنة معاليه أدوميم – تهدف إلى تقطيع أوصال الضفة ومنع أي إمكانية مستقبلية لقيام كيان فلسطيني متصل جغرافيًا، وبذلك، تصبح معادلة "حل الدولتين" مجرد وهم يتهاوى أمام واقع فرض "كتل سكانية فلسطينية" منزوع عنها أي بعد سياسي أو حقوقي.
وأردف الحوارات أن جوهر الاستراتيجية الإسرائيلية، كما يتجلى في سياسات نتنياهو، لا يكمن في قضية الأسرى ولا حتى في مواجهة حماس بحد ذاتها، بقدر ما يتمحور في صياغة واقع جديد يُنهي البعد السياسي للقضية الفلسطينية، ويحوّل الشعب الفلسطيني إما إلى مهجّرين خارج أرضهم أو إلى جماعات بشرية بلا هوية سياسية داخلها، وبهذا المنطق، فإن نتنياهو يتحرك ضمن إطار استراتيجي أكبر بكثير من حساباته الحزبية أو مصالحه الشخصية، إطار تتفق عليه مختلف التيارات الإسرائيلية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، رغم اختلافها على الأدوات والوسائل، إذ يجمعها الهدف الاستراتيجي الأعمق مرتبط بضمان مستقبل إسرائيل على أنقاض الحقوق الفلسطينية.
