أبو طير يكشف عبر "أخبار الأردن" ملامح المخطط الأخطر في غزة
قال خبير إدارة الأزمات ماهر أبو طير إن ما يجري في قطاع غزة ليس تطورًا عابرًا أو نتيجةً طارئة على سياق الصراع، وإنما هو تجلٍّ متوقع لمخطط استراتيجي إسرائيلي ممتد، يستبطن أهدافًا تتجاوز بكثير ذريعة الأسرى التي تُطرح إعلاميًا وسياسيًا لتبرير استمرار العدوان.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن إسرائيل، من خلال إدارة الحرب على هذا النحو، تعمل على تدمير القطاع تدميرًا ممنهجًا، في إطار مشروع متكامل يهدف إلى جعل غزة غير قابلة للحياة، تمهيدًا لإخراج سكانها عبر مسار تهجيري محسوب بدقة.
وبيّن أبو طير أن رفض إسرائيل المتكرر للعروض والصفقات كافة، سواء تلك المتعلقة بتبادل الأسرى أو بوقف إطلاق النار، يستند إلى معادلة استراتيجية ترى في استمرار الحرب رافعة أساسية لتحقيق غايات بعيدة المدى، فهي، إن قبلت بصفقة وتسليم الأسرى، فإنها لن تنخرط في وقف شامل ودائم للعدوان، وستتعامل مع أي هدنة باعتبارها توقفًا مؤقتًا يعقبه طور جديد أكثر خطورة، تُدشّن فيه المرحلة الفعلية لمخطط التهجير، وبما قد يتم بتواطؤ دولي أو إقليمي، يمتد إلى قوى بعيدة تسعى لإعادة هندسة المشهد الفلسطيني برمّته.
ونوّه إلى أن الحرب الجارية لا تُوجَّه ضد التشكيلات العسكرية وحدها، وإنما تضرب عمق الحياة المدنية بمختلف مفاصلها؛ من مساكن ومؤسسات وخدمات وبنى تحتية، بحيث يجد الفلسطيني نفسه أمام معادلة وجودية تتمثل في البقاء في فضاء مفرغ من شروط الحياة، أو الخروج القسري بحثًا عن مقومات البقاء.
وتابع أبو طير موضحًا أن هذا المسار يعكس انتقال إسرائيل من مرحلة الضغط العسكري التقليدي إلى مرحلة العقاب الجمعي الاستراتيجي، الهادف إلى خلق بيئة طاردة للسكان، وتهيئة الرأي العام الدولي لتقبّل فكرة النزوح باعتبارها "خيارًا إنسانيًا" في مواجهة كارثة مفتعلة.
واختتم حديثه بالقول إن المطالبة بوقف الحرب في هذا السياق لم تعد مطلبًا إغاثيًا أو إنسانيًا فقط، وإنما غدت فعلًا سياسيًا استراتيجيًا يعرقل مشروع التهجير، ويشكّل خط الدفاع الأول في وجه سيناريو يراد له أن يبدأ من غزة وينتهي بالضفة الغربية، على نحو يعيد رسم الخريطة الديموغرافية الفلسطينية، ويؤسس لمرحلة أكثر خطورة في مسار الصراع.

