هل تسايس أوروبا ترامب أم تقع في فخ تسايسه؟
قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات إنّ القمة التي انعقدت بين قادة الاتحاد الأوروبي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب مثّلت محطة محورية في مسار العلاقات عبر الأطلسي، حيث تركزت النقاشات بصورة مباشرة على الملف الأكثر إلحاحًا والمتمثل في ضرورة التوصل إلى سبل لوقف الحرب المستمرة في أوكرانيا.
وأوضح في تصريح خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أنّ السمة البارزة لهذه القمة تمثلت في مستوى البراغماتية السياسية الذي أظهره القادة الأوروبيون، بالرغم من إدراكهم المسبق لصعوبة التعاطي مع شخصية مثيرة للجدل مثل ترامب، وما يرافق ذلك من تحديات في إدارة الحوار والتوازنات.
وبيّن أنّ القادة الأوروبيين انتهجوا خلال جلساتهم العلنية أسلوبًا قائمًا على استثمار النقاط الإيجابية التي تصب في خدمة مصالح بلدانهم، بالتوازي مع تجنّب الدخول في سجالات مباشرة قد تجرّهم إلى صدام غير محسوب مع ترامب، الأمر الذي يعكس، بحسب قوله، إدراكًا متقدّمًا لضرورة حماية المصالح العليا لأوروبا، وإبقاء الأولويات الاستراتيجية بعيدة عن الانفعال اللحظي.
وأشار الحوارات إلى أنّ القضايا الخلافية العميقة لم تُطرح على الطاولة بصورة علنية، وإنما جرى ترحيلها إلى جلسات مغلقة، يُتوقع أن تتسم بقدر أكبر من الصخب والجدية، لتناول الملفات الشائكة التي لا يمكن طرحها أمام الإعلام والرأي العام. واعتبر أنّ هذه المقاربة تجسد نهجًا أوروبيًا متوازنًا، يقوم على إدارة الخلافات في قنوات خلفية، مع الحرص على إبراز صورة من التماسك أمام الداخل والخارج على حد سواء.
وأكد أنّ التصريحات التي أدلى بها ترامب تجاه بعض القادة الأوروبيين كانت، لو صدرت في سياق دول أخرى، لكانت كفيلة بقطع العلاقات الدبلوماسية على الفور، غير أنّ القادة الأوروبيين، كما قال، فضلوا تغليب منطق المصلحة الاستراتيجية العليا على الاعتبارات الشخصية، واضعين نصب أعينهم هدفًا رئيسيًا يتمثل في الحفاظ على أمن القارة وسلامها الجماعي، حتى لو اقتضى ذلك تجاوز الأسلوب الصدامي لترامب.
واختتم الحوارات حديثه بالإشارة إلى أنّ هذه القمة مثّلت انعكاسًا واضحًا لبراغماتية أوروبية متقدّمة، تجلّت في استعداد القادة لتجاوز العقبات السياسية والشخصية مقابل التركيز على الهدف المركزي المتمثل في تحصين أوروبا من تداعيات الحرب الأوكرانية، والتشبث بالعلاقة مع واشنطن باعتبارها ركيزة استراتيجية لا يمكن الاستغناء عنها في هذه المرحلة الدقيقة.

