الفرجات يكتب : برنامج خدمة العلم الأردنية – متكامل، منخفض الكلفة، عالي المخرجات
أ.د. محمد الفرجات
إن إعادة خدمة العلم في الأردن يجب أن تُبنى على معادلة الكفاءة – الانضباط – التنمية، بحيث تكون أداة لصقل شخصية الشباب، ودعم الأمن الوطني، وتعزيز التنمية، بأقل الكلف الممكنة. ويمكن استلهام نماذج عالمية ناجحة مثل التجربة السنغافورية، والكورية الجنوبية، والسويسرية، ولكن مع مواءمتها للخصوصية الأردنية.
أولًا: الرؤية والرسالة
الرؤية: شباب أردني منضبط، واعٍ، مؤهل مهنيًا، شريك في الدفاع والتنمية.
الرسالة: توفير خدمة علم أردنية عصرية تعزز الأمن الوطني وتدعم التنمية البشرية والاقتصادية، بتكاليف منخفضة ومخرجات عالية الجودة.
ثانيًا: محاور البرنامج
1. الفترة الزمنية
مدة الخدمة: 9 أشهر فقط، مقسمة على مراحل.
الفئة المستهدفة: الشباب من عمر 18–25، مع مرونة للطلبة عبر تأجيل مؤقت.
2. المراحل الثلاث
أ. المرحلة الأولى: التأسيس العسكري (شهران)
تدريب أساسي: انضباط، لياقة بدنية، أسلحة خفيفة، عقيدة وطنية.
هدفها: ربط الشباب بالجيش وتعزيز روح الانتماء والانضباط.
الكلفة: استخدام معسكرات الجيش القائمة دون بنية تحتية جديدة.
ب. المرحلة الثانية: المهارات والتنمية (4 أشهر)
التدريب على مهارات مهنية وتقنية يحتاجها سوق العمل (صيانة، زراعة ذكية، تكنولوجيا، أمن سيبراني، إنتاج...).
التعاون مع الجامعات، كليات المجتمع، والمعاهد المهنية القائمة.
استلهام من النموذج السويسري الذي يدمج التدريب العسكري بالمهني.
ج. المرحلة الثالثة: الخدمة المجتمعية والإنتاجية (3 أشهر)
انخراط الشباب في مشاريع تنموية محلية (زراعة، بيئة، صناعة، طاقة متجددة).
الربط مع البلديات والمجالس المحلية لتنفيذ مشاريع صغيرة منخفضة الكلفة.
استلهام من النموذج السنغافوري الذي يدمج الدفاع مع خدمة المجتمع.
ثالثًا: التكامل المؤسسي
1. القوات المسلحة الأردنية: قيادة وإشراف وتدريب عسكري.
2. وزارة العمل: مواءمة التدريب مع احتياجات سوق العمل.
3. وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي: ربط الخدمة بالمسارات الأكاديمية (احتساب ساعات تدريبية للجامعيين).
4. البلديات: استثمار الشباب في مشاريع البنية التحتية والخدمات.
رابعًا: الحوافز
شهادة خدمة العلم شرط في التعيينات الرسمية.
نقاط إضافية في القبول الجامعي والتعيين للمكلفين المتميزين.
دعم مالي رمزي (بدل مواصلات/مكافأة شهرية بسيطة).
إعفاءات أو تخفيضات في رسوم الجامعات أو التدريب المهني بعد إتمام الخدمة.
خامسًا: تقليل الكلف
استخدام معسكرات الجيش القائمة.
استثمار الكوادر التدريبية الموجودة (الجيش، الجامعات، القطاع الخاص).
الاعتماد على الشراكات مع القطاع الخاص لتمويل التدريب المهني مقابل عقود تشغيل مستقبلية.
تشغيل المجندين في مشاريع إنتاجية صغيرة (زراعة حديثة، إعادة تدوير، طاقة شمسية) لتغطية جزء من الكلف.
سادسًا: المخرجات المتوقعة
1. أمنيًا: جيل من الشباب مدرب ومنضبط ومرتبط بعقيدة وطنية.
2. اقتصاديًا: رفد سوق العمل بمهارات تقنية ومهنية.
3. اجتماعيًا: تعزيز قيم المسؤولية، العمل الجماعي، وخدمة المجتمع.
4. سياسيًا: رفع منسوب الوعي الوطني والقدرة على مواجهة حملات التشكيك الخارجية.
مقارنة مع نماذج عالمية
كوريا الجنوبية: تركز على الردع العسكري، تخدمها طبيعة التهديد المستمر.
سنغافورة: نموذج مدمج بين الدفاع والخدمة المجتمعية، قريب من الحالة الأردنية.
سويسرا: احتياط عسكري متكامل مع التعليم المهني، مناسب للأردن حيث يوازن بين الكلفة والأثر.
خدمة العلم الأردنية، إذا ما صُممت بذكاء، يمكن أن تتحول من عبء مالي إلى رافعة أمنية وتنموية. والأردن بحاجة اليوم إلى برنامج يدمج بين الانضباط العسكري والتأهيل المهني والخدمة المجتمعية، ليكون الرد العملي على كل التحديات والأطماع الإقليمية.

