النمري يكتب: لقاء عمان .. أزمة سوريا كلها على الطاولة
تشهد عمان اليوم اجتماعا سوريا اردنيا امريكيا حول السويداء لكن المستجدات تضع كل الأزمة السورية على الطاولة. يستضيف وزير خارجيتنا ايمن الصفدي زميله السوري مسعود الشيباني الى جانب السفير الأمريكي في تركيا والمبعوث الأمريكي في المنطقة توم برّاك وكانت عمان قد استضافت في 19 تموز الماضي نفس الأطراف حيث تم التوصل في اليوم التالي الى وقف شامل لاطلاق النار في السويداء.
ويفترض ان يستكمل الاجتماع البوم الجهود لمعالجة الوضع في السويداء وتردد ان عددا من وجهاء الدروز سيحضر الى عمان لكن أزمة انفجرت قبل يومين ستسقط في حضن الاجتماع وتخص كل سوريا وكل المكونات .. الدروز والأكراد والعلويين.. الخ، فقد انعقد في الحسكة مؤتمر شمال شرق سوريا الذي اعقب كونفرنسا خاصا بالمكون الكردي وطالب اللقاء بمؤتمر وطني شامل لبحث المستقبل وشكل سوريا الجديدة واعاد طرح القضايا الاساسية مثل اللامركزية والدستور والديمقراطية وتكوين الجيش. مما اثار ردّة فعل غاضبة من دمشق التي اعتبرت المؤتمر تحالفا خطيرا للقوى الطائفية والانفصالية وفلول النظام السابق يهدد النظام ووحدة سوريا. واعتبرت حكومة الشرع المؤتمر ارتدادا على اتفاق 21 مارس مع قوات سوريا الديمقراطية واعلنت حكومة الانسحاب من مؤتمر باريس المنتظر مع الجانب الكردي.
لا نعرف اذا كان اجتماع عمان يستطيع ان يقصر البحث على السويداء والجنوب السوري في ظلّ تأزم العلاقة على جميع الجبهات وقد كان الشيخ الهجري الى جانب وجهاء دروز قد حضروا مؤتمر الحسكة الذي اشهر مطالب تضع السويداء في نفس الخندق مع الاكراد في رفض ما يعتبرونه تفردا وتسلطا للون واحد تمثله السلطة الحالية في دمشق.
اعتقد ان الأمور تعقدت قليلا امام الاجتماع الذي كان يفترض ان يتابع تطبيع الوضع في الجنوب السوري وحلّ الاشكالات القائمة مثل النازحين والأمن والمحاسبة على التجاوزات والادارة والخدمات والعلاقة مع المركز، وسيعود الى القضايا السياسية الأساسية التي تواجه النظام وهي في السويداء مثل بقية المناطق.
النقاش اليوم هو حول النظرة الكلية للسلطة في المرحلة الانتقالية! هل يمكن مواجهة النزعات التقسيمية والمصالح الفئوية المتشكلة باحتكار السلطة والتفرد في تقربر المستقبل؟! يجب التفاهم على نهج مختلف حتى يتمكن الوسطاء من دعم وحدة سوريا وكبح بل شكم اي نزعات انفصالية والعمل بسخاء لدعم التنمية وتمويل اعادة البناء..
واقع الحال ان الشرع لم يحد لحظة واحدة عن نهج التفرد التام بالسلطة المدنية والعسكرية. لا احد يستطيع ان ينسى أن الجيش وقوات وزارة الداخلية هم حصرا قوات هيئة تحرير الشام وفصائل ادلب وأن كل المفاصل والمرافق الحكومية والأمنية سلمت الى قيادات من نفس اللون (لم يصدف ان رأيت عسكريا واحدا غير ملتح!) وكان ينوي ان يذهب الى نزع سلاح الآخرين واخضاعهم بالقوة مع ان شرعيتهم ليست اقل من شرعية قواته التي تضم آلاف الأجانب من متطرفي السلفية الجهادية الللاوطنية . لماذا يتراجع للأكراد فقط تحت الضغط الأمريكي ولماذا يتراجع للدروز فقط تحت الضغط الاسرائيلي!! الصحيح ان يتنازل امام جميع المكونات ايمانا بمبدأ الشراكة وان هذا هو الطريق الصحيح لصون وحدة سوريا وتجاوز ارث النظام البائد. وان مشاركة كل المكونات بصورة عادلة في الدولة المركزية يقلل المخاوف من السلطة المركزية ويخفف مطالب اللامركزية ويقطع الطريق على التدخلات الخبيثة وخصوصا الاسرائيلية التي تضمر شرا لسوريا.

