النسور يكتب:بطالة الأطباء في الأردن… مفارقة مؤلمة وسط نقص الكوادر الطبية

{title}
أخبار الأردن -

 د . عبدالله النسور

في بلدٍ لا يمر أسبوع إلا ونسمع فيه شكاوى من نقص الأطباء في المستشفيات الحكومية، يخرج علينا تصريح رسمي من مدير وحدة التنسيق الموحد في وزارة التعليم العالي يتحدث عن وجود أربعة آلاف طبيب عاطل عن العمل. وبعده، تصريح نقابة الأطباء الذي رفع الرقم إلى تسعة آلاف. أرقام صادمة، ليس فقط لأنها مرتفعة، بل لأنها تكشف خللاً عميقاً في طريقة إدارة ملف الموارد البشرية في القطاع الصحي.

كيف يمكن أن نعاني من نقص الأطباء في وزارة الصحة، وفي الوقت نفسه، نجد آلاف الخريجين يطرقون كل الأبواب بحثاً عن فرصة؟ لماذا تُقنَّن أعداد المقبولين في برامج الإقامة و التعينات  بشكل مبالغ فيه، وكأننا نملك فائضاً من الكفاءات؟ ولماذا تُفتح برامج التدريب والتخصص في بعض المستشفيات الخاصة للأطباء الأجانب، بينما الطبيب الأردني ينتظر سنوات ليدخل نفس البرنامج؟

المفارقة لا تتوقف هنا. بل إن بعض البرامج الجديدة التي طُبقت تسمح للأطباء بالعمل بنظام “unpaid”؛ 48 ساعة أسبوعياً دون أجر، ودون تأمين صحي، ودون أي حقوق تليق بطبيب أنفق سنوات من عمره في الدراسة وخدمة المرضى. أي رسالة نرسلها لجيل الأطباء الشاب حين نقول لهم: “اعملوا مجاناً… لعل الفرصة تأتي يوماً”؟

القضية أكبر من مجرد أرقام. هي قضية سياسات، وقرارات، وأولويات. إن علاج أزمة بطالة الأطباء في الأردن لا يحتاج إلى لجان مطولة بقدر ما يحتاج إلى إرادة حقيقية لإعادة هيكلة توزيع الكوادر، وزيادة فرص الإقامة، ووقف تسريب الفرص لغير الأردنيين على حساب أبناء البلد.

الأطباء الأردنيون ليسوا أرقاماً في قوائم الانتظار، بل هم طاقة بشرية مؤهلة قادرة على سد أي نقص في القطاع الصحي، إذا ما أُعطيت الفرصة. السلك الصحي يُعتبر جزءًا أساسيًا من أمن الدولة، لأن الأمن الوطني لا يقتصر على الجوانب العسكرية أو الأمنية ، بل يشمل أيضًا الأمن الصحي الذي يضمن سلامة المواطنين واستقرار المجتمع. والوقت قد حان لأن نسأل بصوتٍ عالٍ: من المستفيد من بقاء هذه الأزمة على حالها

 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية