ابو رحمه يكتب من غزة : هدنة حماس المحتملة... مناورة سياسية في وجه الشرعية الدولية

{title}
أخبار الأردن -

 

بقلم: د. سعيد محمد ابو رحمه

في لحظة إقليمية ودولية بالغة التعقيد، تلوح في الأفق مؤشرات على قبول حركة حماس باتفاق هدنة في قطاع غزة. ورغم أن الظرف الإنساني الكارثي يدفع بهذا الاتجاه ظاهريًا، إلا أن الدافع الحقيقي قد يكون سياسيًا واستباقيًا بالدرجة الأولى، في مواجهة حراك دولي تقوده المملكة العربية السعودية.
فالتحرك السعودي نحو إصدار إعلان دولي في الأمم المتحدة يعيد التأكيد على شرعية السلطة الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ليس مجرد موقف دعائي. بل هو محاولة لإعادة بناء الإجماع الدولي حول السلطة في الضفة، ونقل هذا الإجماع إلى غزة، في أي مرحلة ما بعد الحرب.
وبهذا المعنى، فإن أي ترتيبات دولية مقبلة قد تتجاهل حماس كطرف سياسي فاعل، وتكتفي بالتعامل معها كقوة أمر واقع سيتم تحييدها تدريجيًا عبر مسار سياسي مدعوم عربيًا ودوليًا.
ما يُعرف مجازًا بـمشروع حماس – نتنياهو، الذي استند طوال السنوات الماضية إلى الحفاظ على الانقسام الفلسطيني كذريعة تمنع أي تسوية شاملة، يبدو اليوم على المحك.  
فنتنياهو طالما استثمر في وجود حماس كسلطة منفصلة في غزة، لإضعاف السلطة الفلسطينية وتفكيك فكرة الدولة. وحماس من جهتها، استفادت من هذا الوضع لبناء قاعدة حكم مستقل. لكن تطورات الحرب والدمار الكبير في القطاع، إضافة إلى الدفع العربي نحو إعادة تمكين السلطة، يُهدد هذا التفاهم غير المعلن بين الطرفين.
إن قبول حماس بالهدنة الآن ليس مجرد استجابة للضغوط الإنسانية أو العسكرية، بل مناورة سياسية لقطع الطريق على الشرعية الدولية.  
فهدنة في هذا التوقيت تعني:
- وقف التصعيد قبل أن يتبلور إعلان دولي يُقصي حماس سياسيًا.
- إعادة ترتيب الصف الداخلي والظهور بمظهر القوة المسؤولة.
- إطالة أمد السيطرة على غزة ولو بوسائل تفاوضية.
ففي ظل غياب رؤية فلسطينية موحدة، ووسط تسابق المحاور الدولية، تدرك حماس أن الهدنة ليست نهاية الحرب، بل بداية معركة جديدة حول من يحكم غزة، ومن يمثل الفلسطينيين على طاولة القرار الدولي.
إن الموافقة على الهدنة في هذا السياق، ليست مجرد استراحة من الحرب، بل محاولة لمنع تحول سياسي دولي قد يُقصيها من المشهد كليًا.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية