الرواشدة يكتب: مطلوب "ائتلاف أحزاب " لإطلاق حوار وطني
حسين الرواشدة
يتحدث الأردنيون مع أنفسهم، ويتبادلون اللكمات والمجاملات، النقاشات التي تدور في الفضاء العام تعكس حالة من التوتر والانفعال والقلق التي يعاني منها أغلبية مجتمعنا ، ما يحدث في الإقليم وما تراكم من أزمات داخلية ، اقتصادية تحديداً، يشكل عوامل ضغط أفرزت إحساساً عاماً بفقدان البوصلة ، هذا يحتاج إلى قراءات عميقة لحالة البلاد وأوضاعها ، ثم إلى خطاب مقنع ومؤثر ، يضبط حركة الدولة والمجتمع معاً على إيقاع عنوانه: الإنجاز والثقة المتبادلة.
ادارات الدولة ومؤسساتنا الوطنية تتحمل القسط الأكبر من هذه المسؤولية، سواء على صعيد إدارة المشهد العام، وتصحيح مساراته بما يلزم من قرارات وإجراءات ، أو بتوجيه بوصله النقاشات العامة وضبطها بشكل متوازن ومدروس ، الأحزاب تحديداً ومعها كل الوسائط الاجتماعية والسياسية والإعلامية تتحمل جزءا كبيراً من هذه المسؤولية ؛ معقول يواجه بلدنا مثل هذه الظروف الصعبة ولا نسمع صوتاً لأحزابنا ، معقول تتبخر طبقة سياسية كبيرة ،للدولة فضلٌ عليها حين قدمتها للمواقع العامة والصفوف الأولى ، ثم تعتزل السياسة ، ولا تتحدث أمام الأردنيين بكلمة خير عن الأردن؟
الآن ، السؤال: مَنْ يتحدث باسم الأردنيين في الشأن العام؟ النواب الذين يتمتعون بإجازتهم في العطلة البرلمانية ؟ الأحزاب التي انقطعت أخبار أغلبيتها منذ أن انفض مولد الانتخابات قبل نحو عام ؟ الإجابة ،للأسف، معروفة ، هذا الفراغ الذي تركه هؤلاء وغيرهم من المحسوبين على قيادة الرأي العام وصناعته يملؤه آخرون ، أغلبهم من الخارج ، ما نشهده من هجمات ضد بلدنا يشكل جزءاً من هذه " المياه الملوثة" التي ملأت خزانات فارغة ، لم نتحرك لملئها كما يجب ، وبما يخدم مصالحنا الوطنية.
أمامنا في المرحلة القادمة ملفات كبيرة وثقيلة ؛ ملف الضفة الغربية، الملف السوري .. الخ، ثم ما يترتب على الصفقات الكبرى من تصفيات وإعادة ترتيب الخرائط في المنطقة ، وتقاسم النفوذ والأدوار فيها ، ثم الأهم ،أيضا ، الجبهة الداخلية التي تعرضت على مدى الأشهر الماضية لضربات عديدة ، كشفت عن نقاط ضعفها وقوتها ، ووضعتنا أمام أسئلة كبرى لابد أن نجيب عليها ، اوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية ، كل هذا يستدعي أن نفتح أعيننا ونرفع حالة الجهوزية لدينا، ونعرف من أين نبدأ، وماذا نريد؟
بوسع " ائتلاف "أحزاب وطنية أن يتولى هذه المهمة ، مهمة الإجابة على الاسئلة الكبرى، كيف؟ أن يطلق -مثلاً- حواراً وطنياً ، بمشارك الجميع، يضع على أجندته كل القضايا والخيارات والتحديات التي يواجهها بلدنا ، وصولا إلى توافقات وطنية تشكل خريطة طريق لبلدنا في الأيام القادمة ، قلت : ائتلاف " أحزاب لأن الأحزاب هي الجهة الوحيدة الموجودة ،الآن ، التي تشكل (أو هكذا يفترض ) الكتلة التاريخية المنظمة والمرخصة القادرة على تنظيم هذا ( الحوار) وإطلاقه لإسناد إدارات الدولة ، من خلال تقديم ما يلزم من مقترحات وبدائل ، تساعد على عبور المرحلة القادمة ، بأقل ما يمكن من خسائر.
لا يوجد أي "وصفة "يمكن أن تخرجنا من حالة الجدل والاختلاف والاحتقان التي يشهدها مجتمعنا إلا وصفة الحوار الوطني ؛ لقد جربنا ذلك ، مراراً، نجحنا أحياناً، واخفقنا أحياناً أخرى، لكن هذه المرة الأخطار التي تواجهنا لا تحتمل أي خطأ ، ولا تقبل أي فشل، الأردنيون ينتظرون من يعلق الجرس ، والأحزاب -على كل ملاحظاتنا وانتقاداتنا لها - هي الطرف المعني والمتاح ، فهل ستتبادر وتتحرك ؟ قولوا : آمين.

