البدارنة يكتب: عمان ترقص على رؤوس الأفاعي… وتبتسم لسمهم

{title}
أخبار الأردن -

 

بقلم: علي البدارنة

لا شيء يثير جنون الكارهين أكثر من وطنٍ صغير بحجمه، كبير بتأثيره، ثابت في موقعه، ومستقر في زمن الاضطراب.

ولعل ما نشهده على وسائل التواصل الاجتماعي من حملات ممنهجة، فيها ما يكفي من الغل والتشويه، ما هو إلا انعكاس لفئة من الناس نشأت في بيئات مأزومة، لم تتعلم فيها كيف تحب وطنها… فكيف لها أن تحترم أوطان الآخرين؟

هناك من كبر في ظل خطاب سياسي مشحون، وآخر تربى على مناهج مدرسية تضع “الجار المختلف” في خانة الاتهام، لا الجوار.

وهناك من لم يغادر يوماً حارته أو مدينته، لكنه يصر على إصدار أحكامه على بلاد لم تطأها قدماه، ولم يعرف عنها شيئاً سوى ما لقنته له أبواقه الداخلية أو دعايات الخارج.

ما يحزن، أن الكراهية التي يحملها هؤلاء للأردن لم تأتِ من تجربة، بل من عدوى فكرية توارثوها، وربما كان سببها الأساسي أن هذا البلد نجا من المستنقعات التي غرقوا فيها، واستطاع أن يحافظ على بوصلته وسط رياح الخلافات والتحالفات.

رغم صغر حجمه، ومحدودية إمكانياته الاقتصادية، ظل الأردن دائماً الباب المفتوح لكل من تعرض للمحن والأزمات، مستضيفاً اللاجئين من دول شتى، وواقفاً إلى جانب الأشقاء في كل أزمة عربية.

هو البلد الذي لا يغلق بابه، ولا يترك العرب وحدهم، مسانداً، متعاوناً، متضامناً، رغم كل التحديات.

وفي هذا السياق، لا يخفى على أحد كيف تتكرّر محاولات التشويه كلما برز صوت أردني وطني يتحدث عن قضايا الأمة بصدق ووضوح. فبمجرد أن يرفع الصوت من الداخل دفاعاً عن فلسطين أو غيرها، تطلق أبواق مأجورة من الخارج تروج لإشاعات تمس الأمن أو الأخلاق، في محاولات مكشوفة لخلق فجوة بين الناس ومؤسساتهم، وضرب الثقة في الدولة.

هي حملات لا تستند إلى دليل، بل إلى نية خبيثة. هدفها خلق فوضى نفسية، وتحريك الشارع عبر قصص مفبركة، تصاغ بعناية وتضخ عبر ذباب إلكتروني يجيد فن الكذب أكثر من قول الحقيقة.

المواطن الأردني، داخل الوطن وخارجه، يلمس هذا الواقع في كل لقاء أو نقاش، إذ يصطدم أحياناً بجدار من العداء غير المبرر، وكأن الطرف الآخر ليس في حالة حوار، بل في مهمة إسقاط مسبقة، لا يزعجها إلا أنك لا تشبه محيطها.

ورغم ذلك، لا يرد الأردن بالشتيمة، ولا يهبط إلى مستوى السم.

بل يفعل ما لا يتوقعه أحد: يرقص فوق رؤوس الأفاعي، بابتسامة من يعرف حجمه، ويدرك قيمته، ولا يحتاج شهادة من أحد.

في النهاية، الكراهية لا تسقط الأوطان.
وإذا كانت بعض العقول ما زالت تربي على الكره بدل الوعي، فالمشكلة ليست في الأردن… بل في مربيها.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية