الدباس يكتب: هل سيستغلون فزعة الأردن.. لتنفيذ مخططاتهم؟!..

{title}
أخبار الأردن -

محمود الدباس - أبو الليث..

ليس من عادة الأردن.. أن يزجّ بنفسه في الفراغات الطائفية والسياسية في الجوار.. إلا حين تُصبح النار على بعد خطوة من بيته.. لكن ما يُطرح اليوم من احتمالاتٍ بشأن وجود أمني.. أو عسكري أردني في السويداء.. لا يبدو محض خطوة تكتيكية عابرة.. بل أقرب لما يُشبه بدء عصر جديد.. من رسم الخرائط بأصابع الطباشير الهادئة.. لا بالقنابل..

تصريحات رجل الأعمال السوري فراس طلاس.. عن وجود نقاشات جادة.. لوضع السويداء تحت إشراف أمني أردني.. قد تبدو للوهلة الأولى.. استجابة إنسانية لفوضى أمنية عميقة في الجنوب السوري.. لكنها في العمق.. تفتح الباب على أوسع خرائط الأسئلة.. وأخطر نوايا إعادة الترتيب.. في دولةٍ ما زالت تنزف منذ أكثر من عقد..

فهل سيجد الأردن نفسه ذات لحظة.. في موقع لم يخطط له أصلاً؟!.. موقع الحامي من جهة.. والشريك -من حيث لم ينتبه- في التفكيك من جهة أخرى؟!..

وإن دخل لحماية المدنيين في السويداء.. فمن يضمن.. أن لا يتم تحويل حضوره لاحقاً.. إلى سابقة يتم تعميمها؟!.. وهل سيكون وحده على الأرض.. أم أنه يمهّد الطريق لوجود أطراف أخرى.. بأقنعة مختلفة؟!..

الأردن على الدوام.. ليس طامعاً في شبر من أرض الجوار.. لكنه قد تُستفَز نخوته تحت عنوان حماية الأشقاء.. إلى موقع يتجاوز حجمه الجغرافي.. وقراءته الأخلاقية المعهودة للمشهد.. وحينها.. قد يجد نفسه بين فكي كماشة خطيرين.. أحدهما.. واجب حماية حدوده من الفوضى القادمة من الجنوب السوري.. وحقن دماء الاشقاء.. والآخر.. هو الوقوع في شرك مَن يسعون لتقسيم سوريا بوسائل ناعمة.. عبر خلق مناطق نفوذ مؤقتة.. لا تنتهي بانتهاء مهمتها..

فالفزعة الأردنية.. التي يُشاد بها دوماً.. قد يُراد لها هذه المرة.. أن تتحوّل إلى حجر أساس في بناء مشروع تقسيم مُقنّع.. يبدأ من السويداء.. ويتمدّد.. ويُشرعن لاحقاً عبر وقائع ميدانية.. يصعب التراجع عنها..

وما أخطر أن يتحوّل التدخل الطارئ.. إلى واقع دائم.. ثم إلى ذريعة دولية.. لاقتسام ما تبقى من وطنٍ مدمى..

فهل يدرك الأردن كل هذه الألغام؟!.. وهل يستطيع أن يمدّ يده.. دون أن تنغرس بين أنياب الخرائط الجديدة؟!.. وهل يُجيد الخروج من حفرة الأخوّة.. حين تُغلق عليه أبواب الحسابات الدولية؟!..

ربما لا أحد يملك الجواب الآن.. لكن من المؤكد أن الخطوة القادمة لن تُقرأ في دمشق وحدها.. بل في طهران.. وتل أبيب.. وواشنطن.. وانقرة.. وموسكو أيضاً..

وحين تُراقَب خطواتك من هذا العدد من العيون.. عليك أن تمشي ببطء وحذر.. دون أن تنسى.. أنك تمشي فوق رماد وطنٍ لم تنطفئ نيرانه بعد..

 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية