الدكتور علي المر يكتب: سياسة الأسعار في ضوء وصفات البنك الدولي.
الدكتور علي المر.
في موضوع الأسعار ووصفات البنك الدولي التي تحدث عنها الكثيرون.
١- لا شك أن المياه مادة الحياة وسلعة استراتيجية من الدرجة الأولى. ولهذا يخضع استهلاك المياه لحسابات سياسية وبخاصة في الدول القريبة من الكيان الذي يستأثر بالحصة الأوفر والذي إن استطاع أن يمنعنا من الوضوءأو حتى شرب الماء لكي نواجه الموت الجماعي فلا يتردد.
٢- هنالك في السياسة المعلنة للدولة الأردنية أو الحكومة الأردنية منهجية لتنظيم استهلاك المياه تراعي الظروف المحيطة أو تتأثر بها.
٣- في الأردن ليست حصة الفرد من احتياطي المياه هي الأدنى في العالم كما يفهم. ولكن حصة الفرد من الاستهلاك. أي أن قيود الاستهلاك هي الأقوى والأشد ولا تعكس بالضرورة الاحتياطي الذي هو بالتأكيد أكبر بكثير.
٤- يلعب البنك الدولي دورًا في سياسات التقشف. إنه ليس معنيًا بتاتًا بتنمية الدول وبخاصة دولنا. ولكن برسم سياسة تحصيل عوائد للدولة وغالبًا لتسديد ديون أو خدمة دين وذلك عن طريق الحد من الاستهلاك في الماء والكهرباء والانفاق الحكومي وحتى العام. ولا يضع خططًا أو برامج تنمية.
وهذه السياسة تضر في النهاية بالتنمية وتفقر المواطن والدولة معًا. فسياسية رفع أسعار المحروقات والمياه مثلًا تزيد من كلفة الإنتاج في القطاعات كافة (الزراعة والصناعة وحتى الصحة والتعليم الخ) وهذا ينعكس على كلف الحياة بمجملها وهذا يتعارض مع التنمية في هذه القطاعات التي تحتاج كلف مدخلات أقل. وكلما قلت كلفة المدخلات زات القيمة المضافة وتحسن الإنتاج وانعكس على رخاء وازدهار الدولة. والحل الأفضل والأمثل هو خفض تسعيرة هذه المواد وليس زيادتها. ولكن هل يمكن؟
أظن أن علينا أن لا نصل لحالة عدم القدرة على الرجوع التي يصعب معها اتباع سياسة تخفيض الكلف . عندها سنظل نواجه لفح التكييف كما أصفه.
وسوف أوضح ما لفح التكييف.
في أي مدينة في الخليج عندما تخرج في ليل يلفح وجهك هواء ساخن تكاد لا تطيقه. وقد توقفت عند هذه الظاهرة. فالمفروض أن مناخ الصحراء بارد جدًا في الليل فلماذا هذا الوهج ووصلت إلى نتيجة لا أشك فيها وهي أن كثرة مكيفات الهواء بالملايين وحجوم بعشرات ومئات الأطنان في كثير من المرافق كلها تبث هواء حارًا في الجو على مدار الساعة فترتفع الحرارة. ويحصل الوهج.
ولو أمكن أن توقف هذه المكيفات دفعة واحدة لانخفضت درجة الحرارة تلقائيًا في الليل وعاد المناخ قاريًا باردًا في الليل. ولكن هل يمكن لتعود مناخ الصحراء البارد وفي الليل على الأقل؟ نعم يمكن. وهذا ما أتركه لنفسي. وعسى أن نخرجه للواقع في مناسبة أخرى.
نعود لرفع الأسعار ووصفات البنك الدولي في الأردن الاستمرار فيها قد يوصلنا لمرحلة لفح الأسعار فلا نستطيع الرجوع وتبقى تلفحنا أكثر وأكثر كلما ارتفعت مثل زيادة أجهزة التكييف في الخليج. وهو ما نتمنى على حكوماتنا تداركه. وربما لهذا جعل الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار أو الطاقة بمفهوم أوسع. ومعنى شركاء كما أفهمه ألبوم أن تباع أو توفر بأدنى سعر أو بسعر الكلفة. عندها سيكون الازدهار بلا شك.
وهذا يحفز على وضع سياسة
تجنب لفح الأسعار التي نوهت عنها.

