الدباس يكتب: لا فني خرج.. ولا سيارة تحركت.. فهل ندفع ثمن كبسة الزر؟!..
محمود الدباس - أبو الليث..
كنا نظن.. أن دخول العدادات الذكية إلى بيوتنا.. سيمنحنا طوق نجاة من فوضى القطع والإعادة.. وأن التقنية التي هلّلنا لها.. ستأتي لتوفر علينا.. لا لتنهبنا..
لكن الحقيقة.. أن التقنية التي بشرونا بها.. تحوّلت إلى أداة جباية أكثر صمتاً.. وأكثر قسوة.. وأكثر دهاء..
فمنذ أن أصبح فصل التيار.. وإعادته.. يتم بكبسة زر من مركز تحكم.. دون تحريك مركبة.. أو خروج فني.. أو حتى تعبئة ورقة.. ظننا أن الرسوم ستنخفض.. إن لم تنتهي.. أن الكلفة ستتراجع.. أن الدولة ستتنفس قليلاً.. رحمةً بمواطن يترنح أصلاً تحت كلفة الفاتورة الأصلية..
لكن شركة الكهرباء كان لها رأي آخر.. إذ قررت أن تحول قلة الكلفة.. إلى فرصة ربح فوق الربح.. وبدأت بفرض رسوم إعادة تيار.. تبدأ بثلاثة دنانير.. ثم أربعة.. ثم خمسة.. حتى تصل إلى عشرين ديناراً.. فقط لأن المواطن.. تأخر أكثر من مرة في الدفع..
أي منطق هذا؟!..
هل ندفع ثمن كبسة زر؟!.. هل تحوّلت التقنية.. من وسيلة للتيسير.. إلى أداة لعقوبةٍ مالية؟!.. وهل مطلوب من المواطن.. الذي بالكاد يسدد ما عليه.. أن يُعاقب برسومٍ تتزايد.. لمجرد أنه لم يستطع الدفع في موعده؟!..
مَن يُراقب هذه الرسوم؟!.. مَن يراجع هذا التصاعد غير المبرر؟!.. وهل هيئة تنظيم قطاع الطاقة.. موجودة لتحمي المواطن.. أم لتصادق على ما تراه الشركة مناسباً لميزانيتها؟!.. وهل ينطبق عليهم المثل.. "اللي بعمله الراعي.. بيطيب للمعلم.. أو المعلالي؟!"..
أيها المسؤولون.. أنتم تعلمون جيداً.. أن كثيراً من الناس.. لا يتأخرون عن الدفع ترفاً.. بل لأن جيوبهم ليست مثقوبة.. بل الثقب في اتساعٍ مستمر.. لأنهم يوزّعون الراتب على فاتورة.. ومواد تموينيةٍ أساسية.. ومدرسة.. ورصيد ودواء.. وخبز.. وبالكاد يبقى ما يكفي للكهرباء..
فهل المطلوب أن نزيدهم خنقاً؟!.. أم نمدّ لهم يداً لا تطلب.. بل تحتمل؟!..
نقولها بوضوح.. رسوم إعادة التيار.. يجب أن تُراجع.. ويجب أن لا تُلغى تلك الزيادة التصاعدية وحسب.. بل يجب ان تُلغى رسوم إعادة التيار.. والتي لا تقوم على كلفة واقعية.. بل على استسهال الجباية من المواطن الضعيف..
لسنا ضد النظام.. ولسنا ضد الالتزام.. بل نحن مع.. أن يُشجّع المواطن على الدفع.. لا أن يُعاقب على تأخيره بأسلوبٍ.. لا يخلو من القسوة والاستغلال..
نُطالبكم.. لا بل نُحمّلكم المسؤولية.. أن توقفوا هذا العبث.. وأن تعيدوا التقنية إلى وظيفتها النبيلة.. التخفيف عن الناس.. لا تعقيد حياتهم..
ويا شركة الكهرباء.. أرباحك ليست مبرراً للتمادي.. فالناس لم يعودوا قادرين على تحمّل المزيد..
يكفيهم أن النور في بيوتهم.. بات مرتبطاً بنقرة زر من مركزك.. فلا تجعلوا النقرة نفسها.. ثقلاً جديداً على ظهورهم..

