الزغول لـ"أخبار الأردن": أعداء الداخل في سوريا أخطر عليها من أعداء الخارج

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الباحث في مركز الإمارات للسياسات الدكتور محمد الزغول إن محافظة السويداء صارت اليوم بحاجة ماسّة وفعلية إلى عملية إنقاذ تاريخية، تتجاوز في أبعادها مجرّد استعادة الأمن والنظام، لتتصل جوهريًّا بإعادة تعريف معنى الدولة الوطنية الجامعة.

وأكد في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية ضرورة إنقاذ السويداء من هيمنة رجال الدين الذين تحوّلوا بمحض الواقع أو بفعل فاعل إلى صانعي القرار الأوحد في المحافظة، مضيفًا أن ذلك الأمر عمّق النزعة الطائفية في الخيارات السياسية والاجتماعية، وحال دون انخراط المجتمع المحلي في مشروع الدولة الحديثة.

ونّوه الزغول إلى ضرورة إنقاذ سوريا من الاختراق الإسرائيلي السافر، وسطوة عصابات الكبتاغون وشبكات الجريمة المنظمة، التي وجدت في انهيار المركزية وفي فراغ السلطة بيئة خصبة للتمدّد والتحكم برقاب الناس، تارةً تحت عباءة "الثأر"، وطورًا بذريعة "الحماية".

وأردف أن هذه المهمّة الجسيمة لا يمكن إنجازها في ظل الانزواء والتقوقع خلف جدران الهواجس التاريخية، ولا عبر الانغلاق الطائفي الذي يحكم العلاقة بين السويداء والمركز، مستطردًا أن الاتفاق والوفاق الوطني الحقيقي يقتضيان المشاركة الصريحة في صياغة قواعد اللعبة السياسية الجديدة في سوريا، تلك التي تبتعد عن ثنائية "منتصر ومهزوم"، لتبني مشروع دولة تعددية تحتكم لحقوق المواطنة الجامعة، لا لامتيازات العصبيات الضيقة.

ونوّه الزغول إلى أن ما شهدته السويداء أخيرًا لم يكن ليُسمّى "معركة استرداد الأمن والنظام"، ذلك أنه بات أقرب ما يكون إلى "معركة ذات الشوارب"، مضيفًا أن أعداء الدولة السورية الذين يقاتلون تحت رايتها اليوم ربما صاروا أشد خطرًا عليها من أعدائها الذين يواجهونها من خارجها.

وأشار إلى أن واجب الرئيس الشرع في هذه اللحظة التاريخية الدقيقة أن يكون له موقف واضح، وحاسم، وفوري من تلك الانتهاكات الفظيعة، التي تجرح هيبة الدولة وتجهض مشروع المصالحة الوطنية.

وطرّح الزغول مجموعة من التساؤلات حول نتائج التحقيق في انتهاكات الساحل التي وعدت بها السلطات، إلى جانب المساءلة العلنية عن الذين حوّلوا مهمة “حماية الدولة” إلى استباحة للكرامة الإنسانية.

وأكد أن سورية الجديدة، لكي تولد فعلًا لا قولًا، مطالَبةٌ بأن تتجاوز هذا النمط القديم من الإدارة الأمنية، لصالح نموذج دولة مواطَنة حديثة؛ دولةٌ تقف على مسافة واحدة من كل أبنائها، وتحترم خصوصياتهم وهوياتهم المحلية، دون أن تتحوّل هذه الخصوصيات إلى قنابل موقوتة بيد الخارج.

وذكر أن أبناء السويداء يستحقون ما هو أعمق وأجمل من لعبة الدم والفوضى، مضيفًا أن العالم كله، اليوم، يناصر حق السوريين في بناء دولة وطنية تعددية، إلا أن تحقيق ذلك الحق يظلّ مرهونًا بنضال سلميّ واعٍ، ينطلق من داخل بنية الدولة الناشئة لا من هوامشها، ويفرض نفسه بإرادة وطنية لا تُشترى ولا تُستعير شرعيتها من بنادق منفلتة أو فتاوى طائفية.

واختتم حديثه بالقول إن الأيام المقبلة وحدها ستقول إن كانت السويداء ستُكتَب لها ولادة ثانية، أم ستبقى أسيرة "ذات الشوارب" العابثة وخرائط الاختراق الإقليمي التي لا ترى في دم السوريين سوى أوراق مقايضة في صفقات لا رائحة للوطن فيها.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية