الرواشدة يكتب : ‏لدينا أخطاء ومشكلات لكن لدينا إنجازات أيضاً

{title}
أخبار الأردن -

 

‏حسين الرواشدة

‏هل لدينا مشكلات في الأردن؟ أكيد ، هل قصرنا ،أقصد إدارات الدولة والمجتمع ، في مواجهة هذه المشكلات وتجاوزها بحلول جذرية؟ أكيد أيضاً، هل لدينا إنجازات تستحق الذكر والتقدير ؟ نعم ، ما أنجزناه مقارنة مع المحيط بنا ،وعلى الرغم مما تعرضنا له من تحديات واقع لا يمكن إنكاره .

لماذا ،إذاً، نتبادل الشكوى والتذمر ، ونغمض أعيننا عن الإنجازات ونفتحها على الأخطاء والتراجعات فقط ، ثم نجلد أنفسنا ونكرّس لدى الأردنيين ،خاصة الشباب ، ثقافة اليأس والنكران ، ونزرع فيهم الإحساس باللاجدوى من المستقبل ، والاستغراق بالسواد العام؟

‏افهم ،بالطبع ، أن الرضا العام عن السياسات والمقررات يتذبذب تبعا لعوامل متعددة ، يمكن قياسها وفقاً لمعادلات الثقة ومستويات المعيشة والخدمات ، وحركة الاداء في مختلف القطاعات الحيوية ، افهم ، أيضاً، أن المقارنة بين بلدنا والبلدان الأخرى على صعيد الإنجاز والرضا العام تخضع ، أو هكذا يجب، لمعايير واقعية تضع في حساباتها الجغرافيا والسياسة والثقافة والموارد والتشريعات .. الخ، وما يتغلغل داخل هذه المجالات من تفاصيل ومتغيرات.

‏لكن ما لا أفهمه هو أن نظل أسرى لمقولات متناقضة تريد من الأردن أن يتصرف كدولة عظمى، وأن يمارس أدواراً في الإقليم تفوق إمكانياته ، وقد تتناقض مع مصالحه العليا، وإذا لم يفعل ذلك تتحرك ماكينة التشكيك والاتهامات ضده ، في المقابل هؤلاء الذين يطالبونه بالخضوع لرغباتهم وأجنداتهم لا يرونه إلا دولة هشة، ليس لديها إنجازات ، ولا مؤسسات ، ولا يتوفر فيها ما يلزم من خدمات ، ولا تستحق بالتالي أن تحظى بالثقة والاعتزاز.

‏غياب " المسطرة الأردنية"، أقصد الإيمان الراسخ بالدولة ، والاعتقاد أنها الأولوية والقضية لكافة الأردنيين ، ربما صنع هذا الشرخ وأفرز حالة من عدم الرضا عن الإنجاز، وربما إنكاره أيضا، بعض التيارات السياسية رسخت في الوعي العام الأردني انطباعات، تحولت إلى ثقافة عامة وقناعات ، ثم فجرت لدى اغلبية الأردنيين خزانات من الإحساس بالمظلوميات ،وهرماً مقلوباً عند ترتيب الأولويات ، هذا الهرم المقلوب همّش الأردن كأولوية لقياس الانجاز ، ووضع بدلا منه أولويات أخرى خارج الحدود ، وقضايا تقررها مساطر ولاءات أيديولوجية أو سياسية لا علاقة لبلدنا بها ،

‏ثمة أسباب أخرى بالتأكيد ، خذ مثلاً تراجع منسوب العدالة ، تراجع كفاءة أداء الإدارات العامة ، اتساع فجوة الثقة بين الأردنيين ومؤسساتهم، غياب الأحزاب الوطنية الممثلة للمجتمع ، وكذلك النخب الموثوق بها ، عدم قدرة البيروقراطية الإدارية على تطوير نفسها ،.

في المقابل ثمة أسباب تتعلق بالظروف والمستجدات التي طرأت في العالم والإقليم ؛ منذ عقدين -على الأقل- لم تسترح المنطقة ،والأردن جزء منها ، من الحروب والصراعات ، أن يصمد بلدنا في ظل كل هذه العواصف إنجاز ، أن ينجو من الدمار ونحافظ على حركة الدولة و قدرتها على القيام بواجباتها إنجاز كبير ، أن نطالب بالمزيد من الإنجازات مسألة مشروعة ، الأردنيون يستحقون أكثر مما قدم اليهم ، لكن لنتذكر ان الإنصاف مطلوب ،أيضاً، من الجميع.

 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية